وأقول: إنه يحتمل أن يكون من خيره راجعا إلى آباء الممدوح، كأنه قال: هو خير الخلق من خير الخلق، وهذا الأقرب والأشبه بغرضه، لأن وصفه نفشه بأنه خير
الناس من أقصى الرقاعة، وأقبح الشناعة!
وقوله: (الطويل)
وسَيْفي لأنْتَ السَّيفُ لا ما تَسُلُّهُ ... لِضَرْبٍ ومَّما السَّيفُ منه لك الغِمْدُ
قال: أقسم بسيفه ثم أقبل على الممدوح فقال: لأنت السيف لا السيف الذي تسله لتضرب به الأعداء؛ أي: أنت في الحقيقة سيف، لا السيف المطبوع من الحديد، لأنك أمضى منه:
. . . . . . . . . وممَّا السَّيْفُ منه لك الغِمْدُ
أي: ومن الحديد الذي تطبع منه السيوف غمدك.
يقول: إذا لبست الحديد، كالدرع والجوشن ونحوهما، كنت فيه كالسيف، وكان كالغمد. وأقول: إن في قوله:
. . . . . . . . . . . . وممَّا السَّيْفُ منه لك الغِمْدُ
تفضيلا للممدوح على السيف، وذلك أن السيف من الحديد، والحديد للممدوح غمد؛ أي: درع، والسيف أشرف من الغمد لأن الغمد لأن الغمد للسيف كالخادم فوجب أن يكون أشرف من السيف لأن الذي السيف منه، وهو الحديد، وهو جنسه، له غمد، وهذا كما يقال: زيد من تميم، وتميم لعمرو عبيد، فوجب أن يكون زيد لعمرو عبدا.