266

مع المشككين في السنة

مع المشككين في السنة

Editsa

فاروق يحيى محمد الحاج

Nau'ikan

الشبهة الخامسة
أحاديث طواف النبي ﷺ على نسائه وغيرها
تصوِّره شغوفًا بالنساء ومشغولًا بالشهوات
الحديث الخامس الذي رده صاحب الرسالة: حديث: طواف النبي ﷺ على نسائه ومباشرته للحائض منهن من فوق الإزار.
يقول صاحب الرسالة:
«أخرج البخاري بسنده عن أنس بن مالك قال: (كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ) (^١)، الحديث.
وفي رواية: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ) (^٢)» اهـ.
لقد ردَّ صاحب الرسالة هذا الحديث بدعوى أنه يصوِّر النبي ﷺ رجلًا مشغولًا بالجنس شغوفًا بالنساء، فقد قال: «فانظروا إلى هذه الرواية التي تصور الرسول ﵌ بأنَّه مشغولٌ بالجنس، شغوفٌ بالنساء».
ثم قال بعد ذلك: «من أين لأنس علمه بهذه الرواية؟ هل أخبره النبي ﷺ بأنه طاف على نسائه في ساعة واحدة بغسل واحد»؟
وقال أيضًا: «وكلا والله إن مثل هذا الكلام يستبعد وقوعه من العصاة المجرمين، فما بالنا بشفيع الخلق أجمعين، والذي كان -كما في الحديث-: (أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا) (^٣)»؟
وقال أيضًا: «وعلى فرض صحتها -وهو مستحيل- كيف يجامع نساءه الإحدى عشرة (^٤) أو التسع (^٥) -كما في رواية أخرى-، وهو الذي ﵌ قد نهى أن يأتي الرجل امرأته كالحيوان، ينزو عليها بدون أن يجعل لذلك مقدمات من تقبيل وغيره (^٦)؟ فلا بدَّ من زمن يستغرق في قضاء حاجته».
ثم قال بعد ذلك: «ثُمَّ كيف تقول هذه الرواية: (بِغُسْلٍ وَاحِدٍ) مع أنه ﵌ القائل: (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ) (^٧).
وفي رواية: (فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) (^٨)».

(^١) صحيح البخاري، كتاب الغسل، باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد (١/ ٦٢)، رقم (٢٦٨).
(^٢) عن أنس ﵁ (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ). صحيح البخاري، كتاب الغسل، باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره (١/ ٦٥)، رقم (٢٨٤).
وفي صحيح مسلم: عن أنس ﵁: (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ). صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب الطواف على النساء بغسل واحد (١/ ٢٤٩)، رقم (٣٠٨).
(^٣) عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: (كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا). صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي ﷺ (٤/ ١٩٠)، رقم (٣٥٦٢)، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه ﷺ (٤/ ١٨٠٩)، رقم (٢٣٢٠).
(^٤) عن أنس بن مالك قال: (كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ). صحيح البخاري. وقد تقدم في الصفحة السابقة.
(^٥) عن أنس ﵁ (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ). صحيح البخاري وصحيح مسلم. وقد تقدم في الصفحة السابقة.
(^٦) يشير بذلك إلى ما رُوي: (ثَلَاثَةٌ مِنَ الجَفَا: أَنْ يُؤَاخِى الرَّجُل الرَّجُلَ فَلَا يَعرِفُ لَهُ اسْمًا وَلَا كُنْيَةً، وَأَن يُهَيئَ الرَّجُلُ لأَخِيه طعَامًا فلَا يُجِيبُهُ، وَأَن يَكُونَ بَيْنَ الرَّجُل وَأَهْلِهِ وِقاع مِن غير أَنْ يُرْسِلَ رَسُولَا: الْمُزَاحُ والْقُبَلُ، لَا يَقع أحدكم عَلَى أهْلِهِ مِثْلَ الْبَهِيمَةِ عَلَى البهيمَةِ). قال العراقي: «رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس، وهو منكر». المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار لزين الدين العراقي (ص:٤٨٩)، رقم (٤).
(^٧) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب من أتى أهله ثم أراد أن يعود (١/ ٢٤٩)، رقم (٣٠٨). عن أبي سعيد الخدري ﵁.
(^٨) مسند أحمد (١٧/ ٣٢٦)، رقم (١١٢٢٧)، والمسند الصحيح المخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة "المشهور بـ: مستخرج أبي عوانة"، كتاب الطهارة، باب بيان إيجاب الوضوء على الجنب إذا أراد أن يعود في الجماع والإباحة لمن طاف على نسائه أن يغتسل غُسلًا واحدًا (٣/ ٦٤)، رقم (٨٦٤)، ومسند الشاميين للطبراني (٤/ ٥٤)، رقم (٢٧١٢). وقال محققو مسند أحمد -شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون-: «حديث صحيح». مسند أحمد (١٧/ ٣٢٦)، حاشية رقم (١).

1 / 265