Abin da ke Bayan Addinai
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
Nau'ikan
إذا استطعنا، من خلال اليقظة والوعي والانتباه، الامتناع عن إيذاء الآخرين بأفعالنا وأقوالنا في الحياة اليومية، فسيمكننا البدء في إيلاء المزيد من الاهتمام الجاد لفعل الخير بنشاط، وهذا من شأنه أن يكون مصدرا لسعادة غامرة وثقة داخلية كبيرة. يمكننا أن نفيد الآخرين من خلال أفعالنا بأن نكون ودودين وكرماء تجاههم، ومن خلال فعل الخير أيضا ومساعدة المحتاجين. ولهذا، عندما يتعرض الآخرون للمحن أو يخطئون، يجب أن نتواصل معهم ونساعدهم لا أن نرد بالسخرية أو بإلقاء اللوم. ومن الأمور التي نستطيع إفادة الآخرين بها من خلال القول، الإطراء لهم والإصغاء إلى مشكلاتهم، وتقديم النصح والتشجيع.
لمساعدتنا على تحقيق المنفعة للآخرين من خلال أقوالنا وأفعالنا، سيكون من المفيد تنمية سلوك السعادة المتعاطفة بإنجازات الآخرين وحظهم السعيد. يعد هذا السلوك ترياقا فعالا ضد الحسد الذي لا يقتصر تأثيره السيئ على المعاناة غير الضرورية التي يلحقها بنا على المستوى الفردي، بل يصبح أيضا عقبة أمام قدرتنا على التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم. كثيرا ما يقول المعلمون التبتيون إن مثل هذه السعادة المتعاطفة هي أقل الطرق تكلفة لتعزيز فضائل المرء. (5) خلق الإيثار
الإيثار هو تكريس الفرد لأفعاله وأقواله على نحو غير أناني وصادق من أجل منفعة الآخرين. تعترف جميع التقاليد الدينية في العالم بأن الإيثار هو أعلى شكل من أشكال الممارسة الأخلاقية، وهو يعد في كثير منها السبيل الرئيسي إلى التحرر أو التوحد مع الإله.
وبالرغم من أن التكريس الكامل وغير الأناني للآخرين هو أعلى شكل من أشكال الممارسة الأخلاقية، فهذا لا يعني أنه لا يمكن لأي شخص أن يمارسه. الواقع أن كثيرا من الأشخاص الذين يعملون في مهن الرعاية مثل العمل الاجتماعي والرعاية الصحية، ومن يعملون في التدريس أيضا، يشاركون في السعي إلى تحقيق هذا المستوى الثالث من الأخلاق. مثل هذه المهن، التي تعود بالنفع المباشر على حياة الكثيرين، هي مهن نبيلة حقا. ومع ذلك، فثمة طرق أخرى لا تحصى يمكن للأشخاص العاديين انتهاجها كي يفيدوا غيرهم، وكثيرون ينتهجونها بالفعل. المطلوب ببساطة هو أن نجعل خدمة الآخرين ضمن أولوياتنا.
يتمثل جزء مهم من خدمة الآخرين في استخدام الفطنة لتقييم العواقب المحتملة لأفعالنا. بعد ذلك، سنبدأ في اكتساب مهارة التحكم في أفعالنا وأقوالنا، من خلال التحلي بالانتباه واليقظة والوعي في حياتنا اليومية. هذا هو الأساس الجوهري للحرية، واكتساب مثل هذه القدرة على التحكم في الذات وممارستها لضمان خلو أفعالنا من الضرر على كل المستويات، هو ما يمكننا من البدء في العمل بنشاط من أجل إفادة الآخرين.
الفصل التاسع
التعامل مع المشاعر الهدامة
إذا كان أساس السعادة البشرية يكمن في حالتنا الذهنية كما اقترحت، فإن ذلك ينطبق أيضا على العقبات الأساسية التي تحول دون تحقيق تلك السعادة. لا شك أن أكبر العوائق أمام رفاهيتنا كأفراد، وأمام قدرتنا على عيش حياة مرضية من الناحية الروحية، هي نزعاتنا المستمرة نحو المشاعر الهدامة أو المؤذية. هذه المشاعر هي العدو الحقيقي لسعادة الإنسان والمصدر الأساسي لكل السلوكيات البشرية الهدامة. ويعد التعامل مع هذه المشاعر السلبية هدفا مهما من أهداف الممارسة الأخلاقية والروحية.
لكن قبل تقديم بعض الاقتراحات العملية لكيفية تعاملنا مع هذه الميول الهدامة والحد من تأثيرها على عاداتنا اليومية وسلوكياتنا، لا بد لي أولا من تناول مسألة ما إذا كان هذا هدفا واقعيا أم لا. هل نتمتع، نحن البشر، حقا بالقدرة على تغيير أنفسنا من الداخل؟ (1) إمكانية تحسين الذات
لقد أقرت أديان العالم منذ زمن طويل أن لدينا، نحن البشر، القدرة على التغيير من الداخل. لكن توضيح حقيقة هذه القدرة قد يكون صعبا في سياق علماني بحت. فقد يجادل المادي الشديد التمسك بالمادية، على سبيل المثال، بأن ما يحدد سلوكنا بالكامل هو طبيعتنا البيولوجية، أو أننا - بعبارة معاصرة - «مبرمجون» بطرق معينة. وفقا لهذا الرأي، قضت الطبيعة بأن يكون بعض الأشخاص غاضبين، وقضت بأن تغلب الطيبة على آخرين، ويقول هذا المنظور أيضا بأن تركيبنا الوراثي جعل بعضنا أكثر تفاؤلا، بينما جعل البعض الآخر يميل فطريا إلى الاكتئاب. لما كان العديد من صفاتنا الشخصية يبدو موروثا بالفعل، وكانت تلك المشاعر المؤذية كالغضب والكراهية والغيرة، جزءا من طبيعتنا، فقد يكون الصواب أيضا أننا لا نستطيع فعل شيء لتغييرها. ولهذا ربما نشعر أنه قد يكون من المحال حقا تغيير النزعة الذهنية التي نولد بها.
Shafi da ba'a sani ba