Abin da ke Bayan Addinai
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
Nau'ikan
علاوة على ذلك، تبين أيضا أن المشاعر السلبية مثل القلق والغضب والاستياء تقوض من قدرتنا على مكافحة المرض والعدوى. فقد أخبرني أحد أصدقائي من العلماء مؤخرا أن مثل هذه المشاعر السلبية المستمرة تلتهم جهازنا المناعي في حقيقة الأمر.
منذ سنوات، حضرت عرضا تقديميا في نيويورك اقترح فيه أحد علماء الطب أن الرجال الذين يكثرون في استخدام ضمائر المتكلم، مثل «أنا»، و«لي»، بدرجة لا تتناسب مع الضمائر الأخرى، هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالنوبات القلبية. لم يقدم العرض حينها تفسيرا للأمر، لكني كنت أرى أن دلالته واضحة إلى حد كبير. إن كثرة استخدام ضمائر المتكلم تشير على الأرجح إلى مستوى عال من التركيز على الذات. والأرجح أن هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للإجهاد والقلق اللذين يصاحبان التمركز حول الذات. ومن المعروف بالطبع أن الإجهاد والقلق مضران بالقلب. بالرغم من هذا، فأولئك الذين يكثرون من الحديث عن أنفسهم صادقون على الأقل، وذلك في رأيي أفضل من التظاهر بالتعاطف مع التمركز حول الذات في حقيقة الأمر!
إن تلك العلاقة التي لا تنفصم، بين الحالة العقلية والوجدانية من ناحية وبين الرفاهية والصحة من ناحية أخرى، توحي لي بأن بنية أجسامنا نفسها، ترشدنا إلى المشاعر الإيجابية. فمثلما أقول في كثير من الأحيان، يبدو أن تقدير الحب والعاطفة يسكن في خلايا دمائنا.
حسنا، ينبغي التوضيح أنه ما من خطأ جوهري في السعي وراء المصالح الفردية. وإنما هو على العكس من ذلك تعبير طبيعي عن نزعتنا الأساسية في السعي وراء السعادة وتجنب المعاناة. الحق أن اهتمامنا باحتياجاتنا الخاصة هو ما يمنحنا القدرة الطبيعية على تقدير مودة الآخرين وحبهم. ولا تصبح غريزة المصلحة الذاتية هذه أمرا سلبيا إلا عندما نفرط في التركيز على الذات. فعندما يحدث هذا، تضيق رؤيتنا؛ مما يقوض قدرتنا على رؤية الأمور في سياقها الأشمل. وفي ظل هذا المنظور الضيق، يمكن حتى للمشكلات الصغيرة أن تحدث إحباطا هائلا، ويعتقد المرء أنها لا تطاق. وعندما تظهر تحديات كبرى حقيقية ونحن في مثل هذه الحالة، يكمن الخطر في أننا سنفقد كل أمل، ونشعر باليأس والوحدة، ويستنزفنا الإشفاق على الذات.
المهم في الأمر أنه عند السعي وراء مصلحتنا الذاتية، يجب أن نكون «أنانيين حكماء» وليس «أنانيين حمقى». والأنانية الحمقاء هي السعي وراء مصالحنا الخاصة بطريقة محدودة قصيرة النظر. أما الأنانية الحكيمة فهي التحلي بنظرة أشمل وإدراك أن مصلحتنا الفردية الطويلة الأجل تكمن في صالح الجميع. إن الأنانية الحكيمة تعني أن نتحلى بالتعاطف.
إذن، فقدرة الإنسان على الاعتناء بالآخرين ليست شيئا تافها أو شيئا يمكن الاستهانة به. وإنما هي ملكة ينبغي الاعتزاز بها. إن التعاطف من عجائب الطبيعة البشرية، إنه مورد داخلي نفيس، وهو أساس رفاهيتنا والانسجام في مجتمعاتنا. ولهذا، إذا كنا نسعى لتحقيق السعادة لأنفسنا، فعلينا أن نتحلى بالتعاطف، وإذا كنا نسعى لتحقيق السعادة للآخرين، فعلينا أيضا أن نتحلى بالتعاطف! (1) محبة أم
كانت أمي هي أول من علمني الرأفة. كانت زوجة مزارع بسيطة وأمية لا تفقه القراءة والكتابة، لكني لا أستطيع تصور مثال أفضل منها على شخص متشبع بروح الرأفة حتى أعماقه. كل من قابلها قد تأثر بلطفها ومودتها. كان هذا على النقيض من أبي، الذي كان حاد الطباع بدرجة كبيرة، حتى إنه كان يصفعنا أحيانا ونحن أطفال. ولأنني ابن أمي، فقد كنت محظوظا بما يكفي لتلقي جرعة خاصة من عاطفتها، وأنا على يقين من أن هذا ساعدني على أن أكون أكثر تراحما. ومع ذلك، فربما أكون قد أسأت استغلال طيبتها من وقت لآخر حين كنت طفلا. فعندما كانت تحملني على كتفيها، كنت أقبض على أذنيها بيدي. وعندما كنت أريدها أن تذهب إلى اليمين، كنت أجذب أذنها اليمنى. وعندما كنت أريدها أن تذهب إلى اليسار، كنت أجذب أذنها اليسرى. وإذا ذهبت في الاتجاه الخطأ، كنت أحدث جلبة كبيرة. وبالطبع كانت تكتفي بالتظاهر بعدم فهم إشاراتي، وقد تحملت نوباتي الصاخبة دون أن تغضب. الحق أنني لا أتذكر أن أمي فقدت أعصابها مع أي شخص. كانت شخصا لطيفا للغاية، ليس مع أطفالها فحسب، بل مع كل شخص قابلته.
لا شك أن حب الأم لطفلها هذا هو حب بيولوجي إلى حد كبير. فغريزة الأمومة قوية للغاية، وتساعد الأم على التغاضي عن تعبها البدني وإرهاقها خلال رعايتها لطفلها. وليس لهذه التضحية بالنفس علاقة بمستواها التعليمي، أو بفهمها للأخلاق، أو بأي شيء آخر، بل هي أمر طبيعي تماما.
لقد تذكرت قوة عاطفة الأم تجاه طفلها حديث الولادة في أثناء رحلة جوية بين اليابان وأمريكا قمت بها مؤخرا واستغرقت ليلة كاملة. جلس في الصف المجاور لي على متن الطائرة زوجان شابان بصحبتهما طفلان صغيران. كان الطفل الأكبر في الثالثة أو الرابعة من عمره تقريبا، بينما كان الأصغر لا يزال رضيعا، ربما يبلغ من العمر سنة واحدة. فور أن أقلعت الطائرة، بدأ الطفل الأكبر يركض هنا وهناك، ممتلئا بالطاقة والإثارة. استمر الأب في ملاحقته وإعادته إلى مقعده. في إحدى المرات، قدمت للصبي حلوى. أخذها دون أن يقول أي شيء، ثم واصل السير في الأرجاء. في هذه الأثناء، كان الطفل الأصغر يبكي، وتناوب الوالدان على تهدئته وحمله ذهابا وإيابا في الممر. في النهاية، نال التعب من الصبي الأكبر ومكث لينام، لكن الرضيع كان لا يزال قلقا واستمر في البكاء. في البداية، ساعد الأب في الاعتناء بالرضيع، ولكنه في النهاية جلس هو أيضا لينام. في الصباح، لاحظت احمرار عيني الأم. لم تنم، وقضت الليلة بأكملها في الاعتناء بالرضيع، لكني لم ألحظ أي أثر للاستياء أو المرارة عليها؛ فقد كانت لا تزال ترعى أطفالها بحنان وتفان رائعين. أنا عن نفسي لا أتصور أنني أستطيع أن أكون صبورا إلى هذا الحد!
إن هذا النوع من سلوك المحبة غير المشروطة؛ سلوك الأم تجاه مولودها، هو ما أعنيه عندما أتحدث عن الرأفة بصفتها مصدر جميع قيمنا الأخلاقية أو الروحية المشتركة. هذا هو الحب الذي يتجلى في الرمز المسيحي للعذراء مع طفلها يسوع، وهو ما أجده قويا للغاية. (2) مستويات الرأفة
Shafi da ba'a sani ba