Abin da ke Bayan Addinai
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
Nau'ikan
أعتقد أن الزعم بأننا جميعا نسعى إلى حياة سعيدة هو زعم لا يحتاج إلى تبرير. ما من أحد يتمنى الصعوبات أو المشكلات. وهذا شيء تؤكده بنية أجسادنا. ذلك أن العلوم الطبية تشير على نحو متزايد إلى أن الشخص الذي يشعر بالسعادة والسكينة، وتخلو حياته من الخوف والقلق، سوف يتمتع بفوائد صحية ملموسة. من المنطقي كذلك أنه حتى الأشخاص المصابون بالمرض يكونون أفضل كثيرا إذا كانوا يتمتعون بمنظور إيجابي. ولهذا؛ ثمة حقيقة بسيطة في رأيي تتمثل في أن جسدنا البشري هذا ينشد الحياة السعيدة. فالعقل السعيد هو عقل سليم صحيا، والعقل السليم صحيا مفيد للجسم.
غير أن سعادة الإنسان ومعاناته ليستا مباشرتين، وذلك على العكس من الحيوانات الأخرى. فقد يجد الكلب السعادة عندما يتناول وجبة جيدة ثم يذهب إلى الشرفة للاستلقاء. وعلى الرغم من أننا قد نستوعب مثل هذه المتع البسيطة، فمن الجلي أنها ليست كافية بأي حال من الأحوال لتحقيق الرضا الحقيقي للبشر.
إن السعي البشري الدائم لتحقيق السعادة وتجنب المعاناة لا يفسر أعظم الإنجازات البشرية فحسب، بل يفسر أيضا التطور الذي شهده دماغنا الكبير هذا على مدى آلاف السنين. أعتقد أنه حتى مفهوم الدين ذاته قد نشأ عن هذا السعي. ذلك أننا نواجه حتما في مسار الحياة مشكلات تفوق قدرتنا على التحكم. ولهذا؛ فللحفاظ على الأمل وارتفاع معنوياتنا، نطور مفهوم الإيمان، ولكي ندعم الإيمان نلجأ إلى الصلاة، والصلاة عنصر جوهري في الدين. وعلى المنوال نفسه أقترح أن الإنجازات البشرية الاستثنائية في العلوم والابتكارات التكنولوجية على مدى القرون القليلة الماضية قد نشأت عن الرغبة في التغلب على المعاناة وتحقيق السعادة.
وعلى أية حال، فبالرغم من أن تطورنا العقلي الاستثنائي يميزنا - نحن البشر - عن أشكال الحياة الأخرى ويدفع النجاح المذهل لنوعنا، فإن هذا التعقيد العقلي ذاته، هو في الوقت نفسه مصدر للعديد مما نواجهه من المشكلات والصعوبات الأكثر استمرارا. معظم المشكلات التي نواجهها في العالم اليوم، مثل الصراع المسلح والفقر والظلم والتدهور البيئي، قد نشأت واستمرت بفعل النشاط البشري المعقد. علاوة على ذلك، فإن المصادر الأشد إلحاحا للمعاناة الداخلية على المستوى الفردي؛ الخوف والقلق والتوتر على سبيل المثال، ترتبط هي أيضا ارتباطا وثيقا بتعقيد عقولنا وبمخيلاتنا المستعدة للإثارة. (4) المساواة الجوهرية
إننا جميعا متماثلون جوهريا في سعينا لتحقيق السعادة وتجنب المعاناة؛ ومن ثم متساوون. هذه نقطة مهمة. ذلك لأننا إذا تمكنا من دمج إدراكنا لهذه المساواة الإنسانية الجوهرية في نظرتنا اليومية، فأنا واثق تماما من أن ذلك سيعود بفائدة كبيرة علينا كأفراد، لا على المجتمع بشكل عام فحسب. أنا عن نفسي متى ما التقيت بالناس، سواء أكانوا رؤساء أم متسولين، من السود أم من البيض، قصار القامة أم طوالا ، أغنياء أم فقراء، من هذا الشعب أم من شعب آخر، من معتنقي هذا المعتقد أم ذاك، أحاول أن أتعامل معهم بوصفهم بشرا فحسب يسعون، مثلي، لتحقيق السعادة ويرغبون في تجنب المعاناة. أجد أن تبني هذا المنظور يولد شعورا طبيعيا بالقرب حتى مع أولئك الذين كانوا حتى تلك اللحظة غرباء عني تماما. فعلى الرغم من كل السمات الفردية التي نتمتع بها، وبغض النظر عن التعليم الذي تلقيناه أو المكانة الاجتماعية التي ربما نكون قد ورثناها، وبصرف النظر أيضا عما حققناه في حياتنا، فنحن جميعا نسعى لإيجاد السعادة وتجنب المعاناة خلال حياتنا القصيرة هذه.
ولهذا كثيرا ما أشير إلى أن العوامل التي تقسمنا هي في الواقع أكثر سطحية بكثير من تلك التي نشترك فيها. فرغم جميع السمات التي تميزنا: العرق واللغة والدين والنوع الاجتماعي والثروة وكثير غيرها، جميعنا متساوون من حيث إنسانيتنا الأساسية. والعلم يثبت هذه المساواة. فقد أظهر تسلسل الجينوم البشري، على سبيل المثال، أن الاختلافات العرقية لا تشكل سوى جزء ضئيل من تركيبتنا الجينية التي نتشارك جميعا في الغالبية العظمى منها. حقيقة الأمر أنه على مستوى الجينوم، تظهر الاختلافات بين الأفراد أكثر وضوحا مما هي عليه بين الأعراق المختلفة.
في ضوء هذه الاعتبارات، أعتقد أنه قد حان الوقت لكل منا كي يبدأ في التفكير والتصرف على أساس هوية مترسخة في عبارة «نحن بشر».
الفصل الثالث
البحث عن السعادة
بالأمل وحده يحيا الإنسان، وينطوي الأمل في تعريفه على التفكير في شيء أفضل. وفي رأيي أن بقاءنا على قيد الحياة نفسه يعتمد على فكرة ما بشأن تحقق السعادة في المستقبل. غير أننا إذا قبلنا أن البشر يميلون جوهريا نحو نشد السعادة وتجنب المعاناة، فسيظل علينا استكشاف ما تعنيه السعادة، والمصادر التي يمكن أن نستقيها منها. إن السعادة مصطلح عام إلى حد ما، ومن ثم فقد يساء فهمها. ينبغي أن نوضح على سبيل المثال، أننا في السياق العلماني لهذا الكتاب لا نتحدث عن المفاهيم الدينية للسعادة المطلقة، بل عن البهجة البسيطة أو السعادة التي نفهمها جميعا بالمعنى العادي أو في سياق الحياة اليومية.
Shafi da ba'a sani ba