20

What Ibn al-Qayyim Narrated from Shaykh al-Islam

ما رواه ابن القيم عن شيخ الإسلام

Mai Buga Littafi

دار القاسم

Shekarar Bugawa

1427 AH

١١ - معنى قوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾:

قال ابن القيم - رحمه الله -:

قوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩].

قال (١): والصحيح في الآية أن المراد به: الصحف التي بأيدي الملائكة، لوجوه عديدة منها: أنه وصفه بأنه مكنون والمكنون المستور عن العيون، وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.

ومنها: أنه قال: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ وهم الملائكة، ولو أراد المتوضئين لقال: لا يمسه إلا المتطهّرون، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] فالملائكة مطهرون والمؤمنون متطهرون.

ومنها: أن هذا إخبار ولو كان نهياً لقال: لا يمسسه بالجزم، والأصل في الخبر: أن يكون خبراً صورة ومعنى.

ومنها: أن هذا رد على من قال: إن الشيطان جاء بهذا القرآن، فأخبر تعالى: أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين ولا وصول لها إليه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [الشعراء: ٢١٠ -٢١١] وإنما تناله الأرواح المطهرة وهم الملائكة.

ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: ١٢ -١٦].

قال مالك في موطئه: أحسنُ ما سمعت في تفسير قوله: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس.

ومنها: أن الآية مكية من سورة مكية تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد وإثبات الصانع والرد على الكفار، وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي وهو حكم مس المحدث المصحف.

ومنها: أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس: لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة إذ من المعلوم: أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقاً أو باطلاً، بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون مستور عن

(١) شيخ الإسلام ابن تيمية.

18