66

Mece ce Fim

ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان

Nau'ikan

يمكن أن تتسبب سلسلة الأمانة «الرأسية» التي ترسي الاقتباس على صخرة مصدره في أن يبتعد عن أسطول الأفلام الرئيسي الذي ينجرف مع تيار النزعة السائدة. رأى بازان حدوث هذا في فيلم «يوميات قس في الأرياف»، حيث غمر جمهوره بحس وبمنظومة قيم مختلفين. بمثل هذه التدريبات تنمو عضلات السينما؛ لأنها تجاهد مقاومة ما هو أصلي للأنماط المعاصرة.

الأمانة مفهوم يصل بين مجموعتي اهتمام بازان (ومسيرته): اهتمامه بوجود السينما، وبما أصررت أنا على تسميته نشوءها. يأتي ذكر الأمانة صراحة قرب نهاية دفاعه عن السينما المشوبة، حينما يربط بين الواقعية والاقتباس على نحو يسمح لنا بتخيل نظرية مجال موحدة محتملة للسينما:

كان يجب على التعبير السينمائي تحقيق نوع من التقدم الذي نجده في الأجهزة البصرية ليحقق درجة عالية من الأمانة الجمالية. المسافة بين نظرية «الفيلم الأدبي» وفيلم «هاملت» [أوليفييه، 1948] كبيرة مثل المسافة بين ظهور عدسة الفانوس السحري المكثفة البدائية ومجموعة العدسات المعقدة في السينما الحديثة. مع ذلك، فإن التعقيد المدهش في هذه الأمانة له هدف وحيد هو التعويض عن التشوهات والانحرافات والتشتتات والانعكاسات الناتجة عن العدسة؛ بمعنى آخر جعل الكاميرا موضوعية قدر الإمكان. على مستوى جمالي، يستلزم [الاقتباس] علم أمانة قابل لمقارنته بعلم المصور السينماتوغرافي.

37

يحدث التطور في «التعبير السينماتوغرافي» من خلال «الترجمة» لأن الترجمة تستلزم الاستكشاف أو الخلق للتكافؤات داخل نظامين لغويين. لا يتطلب عمل أصلي ثمين إحلالا آليا للعناصر، ولكن تقريبا ل «روح» مكافئة، أو - كما قال بازان عن ترجمة بريسون لرواية برنانوس: «احتراما إبداعيا مستمرا لمصدره.»

38

فهم ديفيد لين أن المشاهدين توقعوا أن يكون فيلمه المميز «آمال عظيمة» («جريت إكسبكتيشنز»، 1946) قريبا من رواية ديكنز، بالطريقة نفسها التي يتوقع بها هذا قراء هذه الرواية المحبوبة في السويد أو بولندا. يناقش أحد منظري الترجمة المعاصرين، وهو لورانس فينوتي، اقتباس الأفلام باستبعاده من البداية فكرة أن اللغات المختلفة (شفهية أم سمع-مرئية) يمكنها توصيل المحتوى نفسه (الحبكة والشخصية والموضوع والقيمة). ويؤمن بأن ما يحدث هو أن النص الأصلي يقدم من خلال وسيط «مفسر» (أو شبكة أيديولوجية) في طريقه ليصبح نصا جديدا أو مقتبسا.

39

يتحكم المفسر في الاختيارات المتخذة أثناء الاقتباس. بدلا من النقل الميكانيكي من نظام سيميائي إلى آخر، يفسر صانع الفيلم المصدر عبر شكل سمع-مرئي يتضمن كذلك التوجهات والاهتمامات المستحضرة إلى المشروع. يكمل هذا رؤية بازان في أنه لا يغفل المسافة الزمانية والثقافية للنص الأصلي والترجمة، وليس فقط المسافة بين النظامين اللغويين. حينما يفرز فينوتي «المفسرين» المتعددين العاملين في لحظتي الإبداع، يكون تقييمه حساسا للقيم الثقافية وليس فقط للقيم السيميائية؛ ولذا فمن شأنه بالفعل أن يتضمن بعدا أفقيا ورأسيا بالمثل؛ حيث إن كل اقتباس يحدث داخل «أفق» من القيم المعاصرة، شاملا نصوصا أخرى داخل مجال صانع الفيلم والجمهور المستهدف. في مثاله الرئيسي، المحتفى به والمثير للجدل، وهو فيلم «روميو وجولييت» (1968)، يمكن القول إن شكسبير كان له دور في انتشار القلق من الازدواجية الجنسية وسط شباب الهيبيز في ستينيات القرن العشرين؛ حيث سجل مخرج الفيلم الإيطالي، فرانكو زيفيرلي، دلالات لم ينتبه لها من قبل في النص الأصلي، وضخمها. نمت مسرحية شكسبير من خلال تفسير سينمائي ربما يدين بشيء ما لأفلام أخرى حادة من الناحيتين النفسية والأسلوبية في تلك الفترة، مثل فيلم آرثر بين «بوني وكلايد» (1967)، وفيلم ماركو بيلوكيو «قبضات في الجيب» («فيستس إن ذا بوكيت»، «إي بوجني إن تاسكا»، 1965). أكيد أن تنوع السينما الأسلوبي قد زاد، فضلا عن هيبتها، كما يقول بازان، بفضل هذا اللقاء بأعمال شكسبير.

ربما تقصى فينوتي عن عرض أعمال شكسبير عبر القرون؛ لأن المسرح في هيئته الحية دائما ما يتضمن «مفسرين» يعرفون بأنهم مخرجون ومؤلفون مسرحيون. زيادة على ذلك، ربما استفسر عن «روميو وجولييت» كما عرضت باللغة الألمانية أو الروسية، أو بمعنى آخر عن شرعية أي ترجمة لأعمال الشاعر. يسأل بدلا من شكسبير نفسه عما صاغه المفسرون من «نسخته» لحكاية شخصيتين تسميان روميو وجولييت؟ ما المصادر التي اعتمد عليها شكسبير؟ ما المسرحيات الأخرى (التي كتبها كتاب المسرح المنافسون) التي تطلع إليها؟ ماذا كانت تحتويه مكتبته؟ يخاطر نهج فينوتي التأويلي بالانتشار رأسيا وأفقيا إلى ما لا نهاية. مع ذلك، فإن نصوص شكسبير تجعلنا نتوقف، كما يفعل الكتاب المقدس للمليارات من قرائه. فقد كانت تفسيراته - شاملة الترجمات والاقتباسات والرسوم الإيضاحية - ضرورية لنشر الدين والثقافة، بقدر ما كانت مشحونة بالخلاف. استعان وولتر بنيامين بالكتاب المقدس ليختم مقاله العظيم «مهمة المترجم»؛ ليصل بوضوح إلى الرؤى التي نشرها بازان لاحقا عن الأمانة والنص الأجنبي: يشجع التقاء نظامين لغويين على أرضية نص ثمين النمو في كل ما حوله.

Shafi da ba'a sani ba