وينقضي الصيف ويعود طه حسين إلى مصر، فنراه في مكتب رئيس المجمع، وقد انتهى الأستاذ إبراهيم الإبياري من عرض ما طلبه الرئيس فيستأذن في الانصراف، ويدخل الدكتور إبراهيم بيومي مدكور فيقول له طه حسين: مرت الآن سبع سنوات منذ نشر المجمع خمسمئة صفحة تقريبا من المعجم الكبير في طبعة محدودة ليتلقى عليها ملاحظات المتخصصين، هل ترى جاء الوقت بعد مرور هذه السنوات السبع لكي ينشر المجمع الجزء الأول من المعجم الكبير؟
ويرد الدكتور مدكور قائلا: «إن هذا المعجم يحظى كما تعلمون بما لم يحظ به معجم قبله من الدرس المتصل والمراجعة الدقيقة والمتابعة الواعية؛ المحررون، الذين دربوا في كنف المجمع وتحت إشرافه، يعملون في جد ومثابرة، والمتخصصون في اللغة العربية وكذلك اللغات السامية والشرقية يراجعون، ويعرض العمل بعد ذلك كله على لجنة المعجم الكبير، واللجنة لا تتردد في الرجوع إلى الزملاء المجمعيين من غير أعضائها في نواحي اختصاصهم، ثم يجيء بعد ذلك دور أعضاء مؤتمر المجمع ولهم دائما ملاحظاتهم وتوجيهاتهم السديدة، وهذا كله يستلزم وقتا وصبرا لا أرى أن يبخل بهما المجمع على هذا العمل الذي سيكون عملا خالدا في تاريخ اللغة العربية بإذن الله.»
ويقول طه حسين: «طبعا لا نريد التعجل، ولا نريد أن نبخل على هذا العمل بشيء، لا الوقت ولا الصبر ولا الجهد المضاعف، ولكن الزمن يمر، وأخشى ألا يكلل عمل المجمع ولجنة المعجم بما نأمله من النجاح في وقت معقول.»
ويرد الدكتور مدكور قائلا: «أرجو ألا يتأخر صدور الجزء الأول كثيرا، على أنه لن يتسع فيما أظن إلا للحرف الأول من حروف الهجاء.»
طه حسين : «أعمارنا قصيرة وآمالنا بعيدة الآماد، سمعت صهري أخيرا يقرأ شعرا فارسيا يقول: «العمر عمر الزهور والآمال آمال النسور»!» •••
وفي رامتان في شهر مارس 1964 وفي غرفة مكتب طه حسين نرى «لجنة الأدب» من لجان المجلس الأعلى للثقافة، وقد انتهت من اجتماعها برياسة طه حسين وأعضاؤها يأخذون في الانصراف.
ويسأل طه حسين الأستاذ يوسف السباعي: «كيف حال الأستاذ العقاد اليوم؟»
ويرد الأستاذ السباعي بقوله: «سمعت أن صحته تتقدم، وكان قد رفض الانتقال إلى المستشفى، ويظهر أنه كان مصيبا فهو يسترد الآن عافيته ونشاطه دون أن يغادر البيت.»
ويقول طه حسين: «مضى الآن أكثر من أربعين سنة وأنا أتابع كل ما يكتبه الأستاذ العقاد وهو يتابع كل ما أكتبه، وعندما يهدي إلي كتابا من كتبه يقول إنه ليس هدية ولكنه قرض ينتظر مني أن أؤديه بتأليف كتاب جديد وإهدائه نسخة منه!»
ويقول يوسف السباعي: «لقد دخلتما المجمع في يوم واحد.»
Shafi da ba'a sani ba