ألسنا نمد الراحلين عنا كل يوم فيزدادون عددا ويقل عددنا نحن الباقين بعدهم؟» •••
وتمر أيام فنرى طه حسين مع ولده وزوجته في مكتبه في «رامتان»، ومؤنس يقرأ على والده صحف الصباح.
يقول مؤنس: «هذا خبر من روما: «قرر رئيس الجمهورية الإيطالية إيفاد السنيور مديتشي إلى مدينة مقديشو مندوبا عنه للاشتراك في احتفالات استقلال الصومال، وتتضمن مراسم الاحتفال تسليم مندوب رئيس الجمهورية الإيطالية السنيور مديتشي وثائق الاستقلال لرئيس مجلس الأمم المتحدة الاستشاري للصومال الدكتور محمد حسن الزيات ممثل مصر في المجلس، الذي يسلمها للرئيس المنتخب لجمهورية الصومال السيد آدن عبد الله عثمان، في أول ساعة من اليوم الأول من شهر يوليو عام 1960.»
ويقول طه حسين: «لقد كتب محمد إلي يخبرني بذلك، لقد وفق هو وزميلاه في المجلس الاستشاري للأمم المتحدة إلى الاتفاق مع إيطاليا ومع مجلس الوصاية الدولي للتعجيل بالاستقلال، فهو سيعلن قبل الموعد الذي حددته الأمم المتحدة بستة أشهر.»
ويقول مؤنس: «المهم الآن هو أن أمينة ستعود هي وزوجها وأولادها إلى القاهرة قريبا، وإذن فلن تحسوا بفراغ عندما نترككم أنا وزوجتي وابنتي للعودة إلى عملي في اليونسكو بباريس.»
ويقول طه حسين: «إن استقلال الصومال، إن تم، ستكون له نتائج بعيدة الأثر في كل أفريقيا، إن لبلادنا أن تفخر بعملها في الصومال لتحقيق استقلاله. وحضور أمينة ومحمد وأولادهما سيسعدنا بطبيعة الحال ولكنه لن يملأ الفراغ الذي سوف يحدثه سفركم.» •••
وينقضي الصيف ويتبعه الخريف ويقبل شتاء عام 1961.
فنرى الدكتور محمد كامل حسين في فيلا رامتان وهو يخرج منها إلى الحديقة مع طه حسين بعد أن قام بفحصه فحصا دقيقا، وطه حسين يسير متعبا وكامل حسين يبدو مهموما ولكنه متمالك لنفسه، ويجلس الصديقان على مقعدين متجاورين في الحديقة.
ويدخل الخادم بصينية عليها ستة أكواب ماء، فإنه يعرف أن الدكتور كامل حسين يحس بالعطش دائما وأنه يطلب الماء باستمرار، ويضحك كامل حسين، ويفسر ضحكه لمضيفه فيضحك معه، ولكنه يسأل بعد قليل: «ماذا وجدت يا كامل؟ وإن كان هذا السؤال لا يعني أنني سأثق فيما تقول ... أنت ناظر مدرسة المنافقين، وقد قال تعالى:
إذا جاءك المنافقون ... .»
Shafi da ba'a sani ba