141

ويرد طه حسين: «ربنا يهون ... أظن أن عندنا بعض الخطابات؟»

ويقول السكرتير: «هذا خطاب بشأن وصول السيدة هيلين كيلر إلى مصر وطلبها مقابلتكم.»

ويقول طه حسين: «هذه هي السيدة الأمريكية التي لا تبصر ولا تسمع ولا تتكلم والتي تغلبت بعزيمتها الحديدية على كل هذه المعوقات، لا، أنا الذي أذهب إلى زيارتها في الفندق، أظنه فندق «سميراميس»، وأظن أن زوجتي وولدي يحبان أن يذهبا معي، ولكن كيف يكون الحديث معها؟»

ويقول السكرتير: «الخطاب يقول إن معها سكرتيرة اسمها «مس طومسون» تعرف كيف تتحدث إليها، وتنقل ردودها.»

ويقول طه حسين كأنه يخاطب نفسه: «إنها لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ... إنها لا تتكلم!»

الثورة

في فندق في قرية «كولي إيزاركو» في شمال إيطاليا على حدود النمسا يجلس طه حسين مع سكرتيره وهو مستمر في إملاء كتاب «علي وبنوه» يتوقف ويسأل: «أظن فات موعد وصول البريد؟ انظر هل هناك خطابات وجرائد من مصر، مفروض أن الأستاذ عبد العزيز أحمد يرسلها بنظام.»

ويعود السكرتير ليقول: «لا يوجد بريد من مصر، يوجد خطاب من اليونسكو بشأن مؤتمر الفنانين والأدباء في سبتمبر، في ظرف يحوي أوراقا كثيرة، هل أبدأ قراءتها؟»

ويقول طه حسين: «لا، ليس الآن، كنت أرجو أن تصل خطابات من مصر.»

ويدخل مدير الفندق مسرعا يقول: «تليفون من روما، من السفارة المصرية لمعالي الدكتور.» ويحضر التليفون ويضعه أمامه ليتحدث فيه يقول: «نعم، أنا طه حسين ، أهلا سيادة السفير، ثورة؟ في مصر؟ سمعتم إذاعة القاهرة بأنفسكم؟ ... والملك؟ والإنجليز؟ شكرا سيادة السفير، سأنتظر بجوار التليفون.» ويضع السماعة وينادي منفعلا: «سوزان! سوزان قامت الثورة في مصر، ثورة ضد الملك.»

Shafi da ba'a sani ba