Asirin Ishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Nau'ikan
4-16 )، والنساء الجورجونات في الميثولوجية الإغريقية تنطلق الأفاعي من رءوسهن بدل الشعر، وكذلك الميدوزا التي تحول نظرتها الرجال إلى حجارة. وفي هذا المجال نتذكر نص أبوليوس السالف الذكر عن الأم القمرية الواحدة التي قدم لها صورة أدبية رائعة وهي تطلع من البحر: «كان شعرها الطويل الغزير ينسدل جدائل مستدقة الأطراف على عنقها الجميل. فوقه إكليل شبكت إليه كل أنواع الورود، وحول الرأس قرص نوراني يسطع كمرآة، أو كوجه القمر البهي، مما أنبأني عن حقيقتها. وكان أفعوانان ينتصبان من يديها اليمنى واليسرى، ليسندا ذلك القرص وإلى جانبهما تنطلق سنابل القمح.»
إن حية الأم الكبرى هي رمز معقد ومتشابك، ولكنه في جانبه الأساسي يشير إلى خصائص عشتار القمرية وخصائصها الإخصابية أيضا. ففي الشكل (
4-14 ) نجد الأفعى تنتصب خلف ديمتر في اللحظة التي تسلم فيها سنبلة القمح الأولى إلى الشاب الذي سيوزعها في جميع أنحاء العالم. وفي وصف أبوليوس تنطلق سنابل القمح على جانب الأفعوانين اللذين يسندان قرص القمر. كما اعتبرت الحية بمنزلة روح للشجرة، وحارسة لمياه الينابيع، نجدها في كثير من الأعمال التشكيلية وقد التفت حول الشجرة ومن تحتها تنبثق مياه الينبوع، كما هو الحال في الشكل رقم (
4-18 ) الذي يمدنا أيضا بمثال عن الحية ذات القرون. وهذه العناصر الثلاثة: الشجرة والأفعى والنبع، تتكرر في كثير من الرسوم. وفي بعضها يغلب على المشهد جو فردوسي تنتعش فيه كل أنواع النباتات، مما يشير إلى أن الأفعى هي رمز لخصب الطبيعة بشكل عام، إلى جانب كونها روحا للشجر والغاب. وفي كثير من النقوش والرسوم، سواء في العالم اليوناني الروماني أو في الشرق القديم، تبدو الحية محاطة بكل رموز الخصب، وخصوصا سنابل القمح؛ مما يدل على أنها كانت موضوع عبادة وتقديس باعتبارها تجليا لقوى الخصوبة.
48
شكل 4-18: عشتار الأفعى، روح الشجرة وحارسة المياه - رسم إغريقي.
ففي بلاد اليونان كان معبد دلفي مكرسا للأم - الأرض «جايا» وكانت تحرسه، كما تروي الأساطير المتأخرة، الأفعى العملاقة بيثون، إلى أن جاء الإله أبولو فقتل الأفعى واغتصب المعبد الذي صار منذ ذلك الوقت مكرسا لأبولو.
49
إلا أن كاهنة دلفي التي كانت تصدر النبوءات وتكشف الغيب منذ القديم في معبد جايا، قد بقيت موكلة بالنبوءة في معبد أبولو، وحافظت على اسم الحية بيثون.
50
Shafi da ba'a sani ba