Asirin Ishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Nau'ikan
التحول الثاني حدث في سياق الألف التاسع وأوائل الألف الثامن قبل الميلاد؛ وذلك بتأثير ثلاثة عوامل حاسمة هي: (1) الاستقرار في الأرض وبناء المستوطنات الثابتة الأولى. (2) اكتشاف الزراعة والبداية المنظمة لإنتاج الغذاء. (3) تدجين الماشية. ولقد أحدث هذا التحول هزة كبرى في بنية المجتمعات البشرية أعطتها الدفعة الأولى الحاسمة لبناء الحضارة، والخروج من رقدتها المستكينة في حضن الطبيعة، وامتلاك مصيرها بنفسها. فخرج الإنسان من كهوفه وبدأ ببناء القرى المستقرة الأولى في السهول المفتوحة ، منهيا بذلك تاريخا طويلا من التجوال في الأرض بحثا عن الغذاء. ثم تعلم زراعة الحبوب بعد أن قضى زمنا في جمعها من حقولها البرية، وسيطر على بعض الأنواع الحيوانية فدجنها وأخذ يستفيد من منتجاتها. ولقد أطلق على هذا التحول الهام اسم «الثورة النيوليتية» التي فتحت الطريق لثقافة العصر النيوليتي
Neolithic
الذي امتد بين 8500ق.م. و4500ق.م. وانتهى بظهور أول المدن في تاريخ البشرية. (ج)
حدث التحول الثالث مع تكون المدن الأولى في وادي الرافدين الأدنى بتنظيماتها المدنية والسياسية والدينية المتطورة، وهو التحول الذي أطلق عليه اسم «الثورة المدينية»
Urban Revolution
والذي كان بداية لعصر ما زلنا نعيش فيه حتى الآن. (د)
أما التحول الرابع فهو آخر التحولات وأقربها إلينا، وهو التحول المعروف باسم «الثورة الصناعية» في القرن التاسع عشر، والذي أحدث انقلابا جذريا في كل أساليب الإنتاج.
1
وأعتقد أننا الآن في خضم ثورة رابعة هي الثورة المعلوماتية.
وفي الواقع، فإن الثورة النيوليتية التي أدت إلى الاستقرار واكتشاف الزراعة وتدجين الماشية، هي البداية الحقيقية لحضارتنا القائمة الآن. أما الثورة المدينية فهي التي أعطت هذه الحضارة أطرها الأولى التي ما زالت قائمة في أساسات مجتمعات العصر الحديث. ورغم أن كل الحضارات، القائمة منها والمندثرة، قد حققت هاتين الثورتين في زمن ما من تاريخها، فإن علم الآثار الحديث يقرر اليوم أن الثورة النيوليتية والثورة المدينية قد حدثتا لأول مرة في تاريخ الشرية في منطقة الشرق الأدنى القديم، وهي المنطقة الوحيدة التي حققت ثورتيها في معزل عن كل تأثير خارجي، جاعلة من نفسها نموذجا أول للتحولات التالية في المناطق الأخرى.
Shafi da ba'a sani ba