ويقولون: أمكن له أن يفعل كذا، يعدونه باللام وهو متعد بنفسه، لم يرد في شيء من كلام المتقدمين إلا كذلك، تقول: أمكنته من كذا؛ أي: جعلته يتمكن منه، مثل مكنته - بالتشديد - ثم تقول: أمكنني هذا الأمر، على تقدير أمكنني من نفسه، كما صرح به في الأساس، فاستغنوا عن الصلة والأصل محفوظ. وكأن أول من أدخل هذه اللام - ولم نجدها في كلام أحد قبل ابن بطوطة - سمع قول القائل: هذا الأمر ممكن لي؛ فتوهم أنها لام التعدية فأجراها على الفعل، وإنما هي لام التقوية مثلها في قولك: زيد محب لي، وعجبت من ضربك لعمرو. وهذه اللام تزاد بعد الصفة والمصدر لتقوية عملهما كما تقرر في كتب النحاة. ولا تزاد بعد الفعل لاستغنائه عن التقوية، فلا يقال: أحببت لزيد ولا ضربت لعمرو، كما يظهر لك بالبديهة؛ فتنبه.
على أن من المحدثين من زاد هذه اللام في غير ذلك. ولم تسمع زيادتها إلا في الشعر لضرورة الوزن، كقول الحافظ جمال الدين اليعمري:
واستنشقوا لهو الربيع فإنه
نعم النسيم وعنده ألطاف
وإنما يقال: استنشق الهواء، ولا يقال: استنشق له، ومثله قول أبي سعيد الرستمي:
فاعمر لدنيا لولاك ما خلقت
وأهل دنيا لولاك ما خلقوا
وقول محمد الحلبي الكوراني من المتأخرين:
يسقي وإن عزت عليه ورام أن
يشفي لداء محبه وحريقه
Shafi da ba'a sani ba