وملاحم أبي زيد الهلالي نظمت في هذه الأوزان، فلم يعجز ناظمها العامي عن سرد الحوادث، وحكاية الأحاديث في مواقف المناجزة أو المعاتبة أو الغزل أو النصيحة، أو الوصف أو الرواية، ولم يزد ما استخدمه من الأوزان على أربعة بحور إلا ما ندر.
وفي اللهجات الشائعة مقطوعات نظمها الأميون والأميات في موضوعات الأفراح والمآتم والمساجلات، والأمثال لا تخرج عن أوزان تلك البحور، ولا يحس الناظم الأمي أنها عسيرة عليه، فهو لا يحتاج إلى أداة غير السليقة الفنية، والقدرة المطبوعة على التعبير.
وأبلغ من كل ما تقدم في الإبانة عن معدن اللغة العربية، وعن هذه الخاصة الفنية فيها أن أوزانها تتفق في كل ترتيل فصيح، ولو لم يكن شعرا مقصودا كما اتفقت في الآيات الكثيرة من القرآن الكريم، وينبغي أن يؤمن المسلم وغير المسلم بأن القرآن الكريم لم يكن شعرا، وما هو بقول شاعر كما جاء فيه، وكما جاء في كلام الرسول الذي أوحي إليه:
فمما يوافق وزن البحر الطويل فيه:
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .
ومما يوافق وزن البحر المديد:
إن قارون كان من قوم موسى .
ومما يوافق وزن البحر البسيط:
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم .
ومما يوافق وزن البحر الكامل:
Shafi da ba'a sani ba