فمن أمثلة الألفاظ الفلكية أكثر أسماء الأبراج، والأفلاك، والمصطلحات الفلكية، والأزياج، وما يحلق ذلك كالرصد، والتعديل، والتقويم، والخسوف، والكسوف.
ومن الألفاظ الرياضية في الهندسة والحساب والجبر ما لا يحصى كالمماس، والمخروط، والمثلث، والمربع، وغير ذلك.
الألفاظ الفلسفية والمنطقية والكلامية
وأما الفلسفة والمنطق فاصطلاحاتهما تفوق الحصر. ومن العلوم التي اقتضاها التمدن الإسلامي بعد نقل الفلسفة والمنطق إلى لسان العرب، علم الكلام والتصوف مع التوسع في الفقه والأصول، وقد كان لهذه العلوم تأثير كبير في اللغة العربية فنوعت ألفاظها وأحدثت فيها ألفاظا جديدة، وذلك كقولهم: الكون، والظهور، والقدم، والحدوث، والإثبات، والنفي، والحركة، والسكون، والمماسة، والمباينة، والوجود، والعدم، والطفرة، والأجسام، والأعراض، والتعديل، والتحرير، والمصاف ... من اصطلاحات علم الكلام. والهاجس، والمريد، والمراد، والسالك، والمسافر، والسطح، والقطب، والهيبة، والأنس، والبقاء، والعناء، والشاهد، والفترة، والمجاهدة ... من اصطلاحات التصوف.
وقد تكاثرت الاصطلاحات الكلامية والصوفية والفقهية والأصولية حتى صارت تعد بالألوف، فاضطروا إلى وضع المعجمات الخاصة لتفسيرها وشرح ما اكتسبته من المعاني المختلفة باختلاف تلك العلوم. ومن أشهر تلك المعجمات كتاب «التعريفات» للجرجاني في نيف ومائة صفحة، و«كشاف اصطلاحات الفنون» للتهانوي في نحو ألفي صفحة كبيرة، و«كليات أبي البقاء» في أربعمائة صفحة، و«اصطلاحات الصوفية» الواردة في الفتوحات المكية، وغيرها. فإذا ذكروا لفظا أوردوا معناه اللغوي ثم معناه الاصطلاحي في الفقه أو الكلام أو التصوف أو الأصول، مع ما يناسب ذلك من المعاني الرياضية أو الطبيعية أو النحوية، وقد يغفلون المعنى اللغوي على الإطلاق.
فيقول الجرجاني في لفظ «القياس» مثلا: «القياس في اللغة عبارة عن التقدير، يقال: «قست النعل بالنعل» إذا قدرته وسويته، وهو عبارة عن رد الشيء إلى نظيره. وفي الشريعة عبارة عن المعنى المستنبط من النص لتعدية الحكم من المنصوص عليه إلى غيره، وهو الجمع بين الأصل والفرع في الحكم. وفي المنطق: قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر، كقولنا: «العالم متغير وكل متغير حادث»، فإنه قول مركب من قضيتين إذا سلمتا لزم عنهما لذاتهما: «العالم حادث»، هذا عند المنطقيين. وعند أهل الأصول القياس إبانة مثل حكم المذكورين بمثل علته في الآخر، واختيار لفظ الإبانة دون الإثبات لأن القياس مظهر للحكم لا مثبت، وذكر مثل الحكم ومثل العلة احتراز عن لزوم القول بانتقال الأوصاف واختيار لفظ المذكورين، ليشمل القياس بين الموجودين وبين المعدومين.» ثم ميز الجرجاني بين أنواع القياس بألفاظ تلحق به، كالقياس الجلي والخفي والاستثنائي والاقترابي وقياس المساواة، ولكل منها معنى اصطلاحي خاص.
وفي الاصطلاحات الصوفية: «الهاجس» يعبرون به عن الخاطر الأول وهو الخاطر الرباني، وهو لا يخطئ أبدا. وقد يسميه سهل «السبب الأول» و«نقر الخاطر»، فإذا تحقق في النفس سموه «إرادة»، فإذا تردد الثالثة سموه «همة»، وفي الرابعة سموه «عزما»، وعند التوجه إلى القلب إن كان خاطر فعل سموه «قصدا»، ومع الشروع في الفعل سموه «نية».
و«المريد» هو المتجرد عن إرادته، وقال أبو حامد: «هو الذي فتح له باب الأسماء ودخل في جملة المتوصلين إلى الله بالاسم.» و«المراد» عبارة عن المجذوب عن إرادته مع تهيؤ الأمور له، فجاوز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة. و«السالك» هو الذي مشى على المقامات بحاله لا بعلمه فكان العلم له عينا. و«المسافر» هو الذي سافره بفكره في المعقولات والاعتبارات، فعبر عن عدوة الدنيا إلى عدوة القصوى. و«السفر» عبارة عن القلب إذا أخذ في التوجه إلى الحق تعالى بالذكر. وقس على ذلك. (1-2) الألفاظ العلمية الأعجمية
حينما قام العرب بتعريب العلوم نقلوا من اصطلاحاتها إلى لسانهم ما استطاعوا نقله، ونوعوا الألفاظ على مقتضى المراد كما تقدم. وما لم يستطيعوا تعريبه نقلوه بلفظه إلى لسانهم. وأكثر ما يكون ذلك في أسماء العقاقير، والأمراض، أو الأدوات، أو المصنوعات التي لم يكن لها شبيه في بلادهم.
فمما اقتبسوه من أسماء العقاقير: الأفسنتين، والبقدونس، والزيزفون، والسقمونيا، والقنطاريون، والمصطكى من اللغة اليونانية. والبابونج، والبورق، والبنج، وخيار شمبر، والراتينج، والزرجون، والزرنيخ، والزاج، والسرقين، والإسفيداج، والشاهترج، والشيرج، والمرداسنج من اللغة الفارسية.
Shafi da ba'a sani ba