Lubab Fi Culum Kitab

Ibn Cadil Hanbali d. 880 AH
180

Lubab Fi Culum Kitab

اللباب في علوم الكتاب

أحدها: قوله تعالى: { ومما رزقناهم ينفقون } [البقرة: 3] مدحهم على الإنفاق مما رزقهم الله تعالى فلو كان الحرام رزقا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام، وذلك باطل بالاتفاق.

ثانيا : لو كان الحرام رزقا لجاز أن ينفق الغاصب منه، لقوله تعالى:

وأنفقوا من ما

[المنافقون: 10]، وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز للغاصب أن ينفق [مما أخذه]، بل يجب عليه رده، فدل على أن الحرام لا يكون رزقا.

ثالثها: قوله تعالى:

قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءآلله أذن لكم

[يونس: 59] فبين أن من حرم رزق الله، فهو مفتر على الله، فثبت أن الحرام لا يكون رزقا.

وأما السنة فما رواه أبو الحسين في كتاب " الفرائض " بإسناده عن صفوان بن أمية قال:

" كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه عمرو بن مرة فقال له: يا رسول الله إن الله كتب علي الشقوة، فلا أراني أرزق من دفي بكفي، فائذن لي في الغناء من غير فاحشة. فقال عليه الصلاة والسلام: " لا آذن لك ولا كراهة ولا نعمة كذبت أي عدو الله لقد رزقك الله [رزقا] طيبا فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه على ما أحل الله لك من حلاله، أما وإنك لو قلت بعد هذه المقدمة شيئا ضربتك ضربا وجيعا " ".

وأما المعنى فإن الله - تعالى - منع المكلف من الانتفاع به، وأمر غيره بمنعه من الانتفاع به، ومن منع من أخذ الشيء والانتفاع به لا يقال: إنه رزقه إياه، ألا ترى أنه لا يقال: إن السلطان قد رزق جنده مالا قد منعهم من أخذه، وإنما يقال: إنه رزقهم ما مكنهم من أخذه، ولا يمنعهم منه، ولا أمر بمنعهم منه.

Shafi da ba'a sani ba