الباب الثاني
في الإخوانيات وما يتصل بها
ذكر المودة
مودة طالت بها المدة فاستحكم غرسها، وتمهد أسها، مودة تلوح عليها غرر الخلوص، وتبدو فيها آثار الخصوص، قد وقعت على مودته أجزاء نفسي، وفرشت لمحبته جوانب صدري، وأمسكت على موالاته بيدي إنابة متحقق، وبعروة وده متعلق بيننا مودة تتصل مدتها، ولا تنقطع مادتها، قد اتخذنا المودة بيننا دينا وخليقة، ورأيناها بين الناس مجازا فأعدناها حقيقة، ود انتهى الصفاء إليه، وقد بلغ أقصاه، وعهد خيم الوفاء عليه فألقى عصاه.
حسن المخالطة
لا أحول عن عهدك، وإن حالت النجوم من ممارها، ولا أزول عن ودك، وإن زالت الجبال عن مقارها، بيننا عصم لا تنقض، وذمم لا ترفض، لي قلب قريح، حشوه ود صحيح، وكبد دامية، كلها محبة نامية، مودتك شعار ضميري، ومخالصتك أغلب الأحوال على قلبي، بيننا محبة لا تتميز معها الأرواح، إذا ميزت الأشباح، ومخالصة لا تتباين بها النفوس والمهج، وإن تباينت الأشخاص والصور، نحن في المساعدة نحيا بروح واحدة، حال هي القربى أو أخص، وامتزاج هو النفوس أو أمس، هو الأخ بل وده أرسخ، والعم بل اشتراكه أعم.
Shafi 41