وقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤] (١) وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١] الآية (٢) .
وأخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن أنس بن مالك (أن رجلا سأل النبي ﷺ: «متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال: أنت مع من أحببت» (٣) .
ومن ثم يتبين لنا أن الحب علاقة متبادلة بين الله تعالى وبين عباده المؤمنين. لكن حب الله لعباده صفة من صفاته منزهة عن مشابهة صفات المخلوقين ونصوص الكتاب والسنة تؤكد ذلك أتم تأكيد.
وجمهور السلف على إثبات حب الله لعباده كصفة من صفاته كما يليق بذاته سبحانه، بلا كيف ولا تأويل ولا مشاركة للمخلوق في شيء من خصائصها كما أنهم يثبتون محبة العباد لربهم محبة حقيقية قلبية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وهذه المحبة حق كما نطق بها الكتاب والسنة، والذي عليه سلف الأمة وأئمتها وأهل السنة والحديث وجميع مشايخ الدين المتبعون وأئمة التصوف أن الله سبحانه محبوب لذاته محبة حقيقية، بل هي أكمل محبة، فإنها كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥] (٤) وكذلك هو سبحانه يحب عباده المؤمنين محبة حقيقية) (٥) .