بعد أن فشلت تجربة إرسال لوركا إلى «القرية» لاستكمال دراسته مع أستاذه ومعلمه الأثير، كان على الأسرة أن تتخذ قرارا بالانتقال إلى عاصمة الإقليم - مدينة غرناطة - وذلك حتى يتوفر للصبي ولأخيه وأختيه التعليم المناسب في المدارس المناسبة، وقد انطوى ذلك الانتقال على تغييرات عديدة في نمط حياة الأسرة وطريقة حياة أفرادها، وكانت الرحلة مثيرة للوركا الصبي، ولكنه سرعان ما بدأ يفتقد مسارح طفولته وأصدقاءه وأماكن تجواله ولهوه في القرية، ووجد لوركا المدينة جد مختلفة عن القرى التي شهدت طفولته، فالأفق لم يعد منبسطا أمام ناظريه، وافتقد هدوء الريف وتوهج الشمس فيه، ولم يعد المنزل الذي يقيم فيه يتسم بالرحابة والألفة التي كان الصبي يجدهما في الكرمة التي كانوا يقيمون فيها بالقرى، حيث صحن الدار بنافورته التقليدية، والبستان الذي يحيط بالدار ويمتلئ بالزهور من ورد وياسمين ورياحين، ويزخر بالفراشات والجداجد والهوام والقواقع، وهي المادة التي أثرت بعد ذلك في معظم قصائد لوركا وتمثيلياته.
واصطبغ شعوره في المدينة بحنينه إلى طفولته القروية، فأنتج مثل هذه القصيدة التي كانت من أوائل ما كتب من شعر:
يخرج الأطفال فرحين
من المدرسة
مرسلين في هواء أبريل الدافئ
أغاني حنونة.
أي بهجة
يخلعها الصمت العميق
على الزقاق الصغير!
صمت يتحطم شظايا
Shafi da ba'a sani ba