فزاغ قائلا: أقصد أنه مثال للذوق الرفيع!
فضيق رءوف عينيه امتعاضا، وقال بسخط واضح: المراوغة عبث، أفصح عما بنفسك، أنا أفهمك وأنت خير من يعرف ذلك!
فضحك سعيد متوددا وهو يقول: لم أقصد سوءا على الإطلاق! - يجب أن تذكر دائما أني أعيش بعرقي وكدي. - هذا ما لا شك فيه مطلقا، بالله لا تغضب هكذا.
فراح يدخن السيجارة بسرعة عصبية دون أن ينطق، حتى اضطر سعيد إلى التوقف عن الأكل، وقال بلهجة المعتذر: لم أتخلص بعد من جو السجن، فيلزمني وقت طويل حتى أسترجع آداب الحديث والسلوك، ولا تنس أن رأسي ما زال دائرا من أثر المقابلة الغريبة التي أنكرتني فيها ابنتي ...
والظاهر أن رءوف أعرب عن عفوه برفع حاجبيه الصاعدة شعيراتهما إلى أعلى، ولما رأى عيني الرجل تنتقلان بين وجهه وبين الطعام كأنما يستأذنه في معاودة الأكل قال بهدوئه السابق: كل!
فهجم سعيد على بقايا الصحاف - بلا تردد ولا تأثر بما كان - حتى مسحها، وعند ذاك قال رءوف، ولعله رغب في إنهاء المقابلة: يجب أن يتغير الحال تماما، هل فكرت في المستقبل؟
فقال سعيد وهو يشعل سيجارة: لم يسمح الماضي بعد بالتفكير في المستقبل! - يخيل إلي أن النساء أكثر عددا من الرجال، فلا تكترث لخيانة امرأة، أما بنتك فستعرفك يوما وتحبك، المهم الآن أن تبحث لك عن عمل.
فقال وهو ينظر إلى تمثال إله صيني بدا آية في الوقار والنعاس: تعلمت في السجن الخياطة!
فتساءل الأستاذ في دهشة: أترغب في أن تفتح دكان خياط؟
فقال بهدوء: بكل تأكيد كلا! - ماذا إذن؟
Shafi da ba'a sani ba