ثَلَاثَة آلَاف لِأَنَّهُ أقرّ بِأَلف ثمَّ رَجَعَ وَأقر بِأَلفَيْنِ فصح الْإِقْرَار وَلم يَصح الرُّجُوع كَمَا فِي قَوْله أَنْت طَالِق وَاحِدَة لَا بل ثِنْتَيْنِ
رجل قَالَ غصبنا من فلَان ألف دِرْهَم ثمَّ قَالَ وَكُنَّا عشرَة أنفس وَالْمقر لَهُ يعدعي أَنه هُوَ الْغَاصِب مِنْهُ الْألف وَحده لزمَه الْألف كَامِلا وَقَالَ زفر لَا يلْزمه إِلَّا عشر الْألف وعَلى هَذَا الْخلاف مَا لَو قَالَ أقرضنا أَو أودعنا أَو أعارنا
رجل ادّعى على الْمَيِّت دينا لَا يزِيد على تركته وَله ابْنَانِ فَصدقهُ أَحدهمَا وَكذبه الآخر فعندنا يُؤْخَذ جَمِيع الدّين مِمَّا فِي يَد الْمُصدق إِن كَانَ وافيا بِالدّينِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى على الْمُصدق نصف الدّين لِأَنَّهُ أبعد عَن الضَّرَر وَلنَا أَنه أقرّ بِالدّينِ وَهُوَ مقدم على الْمِيرَاث فَمَا لم يقْض جَمِيع الدّين لَا تصير التَّرِكَة فارغة عَن الدّين فَلَا يكون لَهُ مِنْهَا شَيْء بِالْإِرْثِ
وَفِي الْحَقَائِق قَالَ الْحلْوانِي قَالَ مَشَايِخنَا رَحِمهم الله تَعَالَى فِيمَا روينَا فِي ظَاهر رِوَايَة أَصْحَابنَا يحْتَاج إِلَى زِيَادَة شَيْء لم يشْتَرط فِي الْكتب وَهُوَ أَن يقْضِي عَلَيْهِ القَاضِي بِإِقْرَارِهِ وبمجرد الْإِقْرَار لَا يحل الدّين فِي نصِيبه ثمَّ قَالَ صَاحب الْحَقَائِق تحفظ هَذِه الزِّيَادَة انْتهى
نوع فِي الِاسْتِثْنَاء وَمَا فِي مَعْنَاهُ الِاسْتِثْنَاء فِي الأَصْل نَوْعَانِ أَحدهمَا أَن يكون الْمُسْتَثْنى من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَالثَّانِي أَن يكون من خلاف جنسه فَالْأول على ثَلَاثَة أوجه اسْتثِْنَاء الْقَلِيل من الْكثير واستثناء الْكثير من الْقَلِيل واستثناء الْكل من الْكل أما اسْتثِْنَاء الْقَلِيل من الْكثير فَإِنَّهُ جَائِز بِلَا خلاف لِأَن الِاسْتِثْنَاء تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا فَإِذا قَالَ لفُلَان عَليّ عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة يلْزمه سَبْعَة كَأَنَّهُ قَالَ لفُلَان عَليّ سَبْعَة لِأَن للسبعة اسْمَيْنِ أَحدهمَا سَبْعَة وَالْآخر عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة
وَفِي الذَّخِيرَة محالا على الْمُنْتَقى قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَو قَالَ لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم الا قَلِيلا فَعَلَيهِ أحد وَخَمْسُونَ درهما وَكَذَا فِي نَظَائِره نَحْو قَوْله إِلَّا شَيْئا لِأَن اسْتثِْنَاء الشَّيْء اسْتثِْنَاء الْأَقَل عرفا فأوجبنا النّصْف وَزِيَادَة دِرْهَم فقد اسْتثْنى الْأَقَل
وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَو قَالَ عَليّ عشرَة إِلَّا بَعْضهَا فَعَلَيهِ أَكثر من النّصْف وَلَو قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِلَّا مائَة أَو خمسين قَالَ أَبُو سُلَيْمَان عَلَيْهِ تِسْعمائَة وَخَمْسُونَ لِأَنَّهُ ذكر كلمة الشَّك فِي الِاسْتِثْنَاء فَيثبت أقلهما فَكَذَا فِي هَذَا وَفِي رِوَايَة أبي حَفْص يلْزمه تِسْعمائَة لِأَن الشَّك فِي الِاسْتِثْنَاء يُوجب الشَّك فِي الْإِقْرَار فَكَأَنَّهُ قَالَ عَليّ تِسْعمائَة أَو تِسْعمائَة وَخَمْسُونَ فَيثبت الْأَقَل قَالُوا وَالْأول أصح لِأَن الشَّك حصل فِي الِاسْتِثْنَاء ظَاهرا
وَأما اسْتثِْنَاء الْكثير من الْقَلِيل بِأَن قَالَ لفُلَان عَليّ تِسْعَة إِلَّا عشرَة فَجَائِز فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَيلْزمهُ دِرْهَم إِلَّا مَا روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يَصح وَعَلِيهِ الْعشْرَة الْحَد وَهُوَ مَذْهَب الْفراء لِأَن الْعَرَب لم تَتَكَلَّم بِهِ وَالصَّحِيح ظَاهر الرِّوَايَة
وَأما اسْتثِْنَاء الْكل من الْكل فَبَاطِل بِأَن يَقُول لفُلَان عَليّ عشرَة إِلَّا عشرَة أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا فَيلْزم عشرَة وَيَقَع ثَلَاث لِأَنَّهُ لَا يُمكن فِيهِ معنى الِاسْتِثْنَاء لِأَنَّهُ تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا فَمَا لم يبْق شَيْء بعد الِاسْتِثْنَاء لم يُمكن جعله متكلما بِمَا بقى فَلم يَصح فَبَقيَ كَلَامه الأول بَاقِيا على حَاله كَمَا كَانَ
1 / 271