وَفِي المنبع وَأَجْمعُوا فِي الصَّك أَن الْإِشْهَاد لَا يَصح إِلَّا بإعلام الْكَاتِب مَا فِي الْكتاب فاحفظ هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن النَّاس اعتادوا خلاف ذَلِك فَإِنَّهُ يشْهدُونَ بِمَا فِي الصَّك من غير قِرَاءَة الْحُرُوف وَغير ذَلِك
القَاضِي إِذا أشهد جمَاعَة على السّجل وَلم يعلمُوا مَا فِيهِ وَلم يُخْبِرهُمْ القَاضِي بذلك لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَهُوَ أحد الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى
سمع اقرار رجل بِحَق وَسعه أَن يشْهد عَلَيْهِ وَإِن لم يعاين السَّبَب وَإِن لم يقل لَهُ اشْهَدْ عَليّ بِمَا أَقرَرت
توَسط بَين رجلَيْنِ فَقَالَا لَهُ لَا تشهد علينا بِمَا تسمع منا فَسمع إقرارهما أَو إِقْرَار أَحدهمَا لرجل بِشَيْء أَو قَالَ أَحدهمَا للْآخر بَقِي لَك عَليّ كَذَا لَهُ أَن يشْهد كَمَا سمع
وَفِي الْمُحِيط شَهدا على امْرَأَة سمياها ونسباها وَكَانَت حَاضِرَة فَقَالَ القَاضِي أتعرفانها فَقَالَا لَا لَا تقبل شَهَادَتهمَا وَلَو قَالَا تحملنا هَذَا على الْمُسَمَّاة بفلانة بنت فلَان الْفُلَانِيَّة وَلَكِن لَا نَدْرِي أَنَّهَا هِيَ أم لَا صحت الشَّهَادَة وكلف الْمُدَّعِي أَن يَأْتِي بِآخَرين يَشْهَدَانِ أَنَّهَا فُلَانَة بنت فلَان اه
وَفِي الْعِمَادِيّ وَلَو جَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدين فَشهد أَحدهمَا وَفسّر الشَّهَادَة على وَجههَا ثمَّ قَالَ الآخر أشهد بِمثل شَهَادَة صَاحِبي تقبل قلت وَفِيه تَفْصِيل وَهُوَ إِن كَانَ الشَّاهِد فصيحا يُمكنهُ بَيَان الشَّهَادَة على وَجههَا لَا يقبل مِنْهُ الْإِجْمَال وَإِن كَانَ أعجميا غير فصيح يقبل مِنْهُ الْإِجْمَال إِذا كَانَ بِحَال لَوْلَا حشمة مجْلِس الْقَضَاء يُمكنهُ أَن يعبر الشَّهَادَة بِلِسَانِهِ أما إِذا كَانَ بِحَال لَا يُمكنهُ أَن يعبر بِلِسَانِهِ أصلا فَإِنَّهُ لَا يقبل أَيْضا
وَقَالَ الشَّيْخ الامام شمس الْأَئِمَّة ابو بكر مُحَمَّد بن أبي سهل ﵀ الْمُخْتَار أَن يَجْعَل الْجَواب على التَّفْصِيل إِن أحس القَاضِي بخيانة من الشُّهُود بِشَهَادَة الزُّور يُكَلف كل شَاهد أَن يُفَسر شَهَادَته وَإِن لم يحس بِشَيْء من الْخِيَانَة لَا يُكَلف وَيحكم فِي ذَلِك بِرَأْيهِ
وَذكر الشَّيْخ ظهير الدّين المرغيناني فِي شُرُوطه أَنه إِذا جرى بَين اثْنَيْنِ بيع أَو إِجَارَة أَو عقد آخر وأشهدا على ذَلِك جمَاعَة هَل يشْتَرط كِتَابَة معرفَة الشُّهُود الْمُتَبَايعين بوجههما وأسمائهما وأنسابهما كَانَ هِلَال وَأَبُو زيد لَا يكتبان ذَلِك وَغَيرهمَا من أَصْحَابنَا يَكْتُبُونَ أخذا بِالِاحْتِيَاطِ
وَقَالَ ظهير الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدِي أَن الْمُتَبَايعين إِذا كَانَا معروفين عِنْد النَّاس مشهورين لَا حَاجَة إِلَى كِتَابَة معرفَة الشُّهُود للمتبايعين وَإِن كَانَا غير مشهورين فَلَا بُد مِنْهُ لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِمحضر مِنْهُ فَلَا بُد من مَعْرفَته بِوَجْهِهِ ليمكنهم أَدَاء الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَعند غيبته أَو مَوته يحْتَاج إِلَى الشَّهَادَة باسمه وَنسبه فَلَا بُد من معرفتهم اسْمه وَنسبه وَلَا يجوز الِاعْتِمَاد على إِخْبَار الْمُتَبَايعين باسمهما ونسبهما فَعَسَى أَن يسميا وينتسب العاقدان باسم غَيرهمَا وَنسبه يُرِيد أَن يزورا على الشُّهُود حَتَّى يخرجَا الْمَبِيع من يَد مَالِكه فَلَو اعتمدوا على قَوْلهمَا نفذ تزويرهما وَبَطل أَمْلَاك النَّاس وَهَذَا فصل كثير من النَّاس عَنهُ غافلون فَإِنَّهُم يسمعُونَ لفظ الشِّرَاء وَالْبيع وَالْإِقْرَار والتقابض من رجلَيْنِ لَا يعرفونهما ثمَّ إِذا اسْتشْهدُوا من بعد موت صَاحب الْمَبِيع يشْهدُونَ على ذَلِك الِاسْم وَالنّسب وَلم يكن لَهُم علم بذلك فَيجب أَن يحْتَرز على مثل ذَلِك غَايَة الِاحْتِرَاز صِيَانة لنَفسِهِ عَن المجازفة ولأموال النَّاس عَن الضّيَاع
قَالَ وَطَرِيق علم الشُّهُود بِالنّسَبِ أَن يشْهد عِنْدهم جمَاعَة لَا يتَصَوَّر تواطؤهم على الْكَذِب عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا شَهَادَة رجلَيْنِ كَاف كَمَا فِي سَائِر الْحُقُوق قَالَ وَإِذا لحقه الْحَرج فِي إِحْضَار الْجَمَاعَة
1 / 242