وراح يضع على نفسه ملابسه في ارتباك وليلى تنظر إليه في ابتسامة هادئة لا تفارقها، وفجأة قالت: مم تخاف؟ - ألا تعرفين؟ - إنني أنا مطمئنة، وكان عليك أيضا أن تطمئن. - من أين يأتي الاطمئنان؟ من أين يأتي؟ لو كنت أستطيع أن أطمئن مثلك، لو كنت أستطيع. - أنا مطمئنة لأنني سأكون بين يدي الله، وإني لراضية بالمصير الذي يريده لي من موت أو ...
ويقاطعها عباس: أرجوك! قومي، قومي، أرجوك، ألم تقولي إن الوقت قد حان؟ - نعم، حان لنذهب إلى المستشفى، أما الولادة فلا أظنها تتم قبل ساعات. - إذن قومي. - دعني أولا أتم حديثي. أنا مطمئنة لأنني سأكون بين يدي الله، وأنت يجب أن تطمئن لأنني سأكون بين يدي الإنسان العظيم الرائع الذي بلغ الفضاء ومزق السماء. ماذا؟! أيعجز هذا الإنسان المارد الجبار أن يستقبل طفلا ... مجرد طفل الحياة فيه معدة جاهزة، لا تحتاج إلى أي مجهود؟ كل ما على الإنسان العبقري أن يستقبل طفلي هذا بعلمه. ألا يستطيع الإنسان الذي بلغ الفضاء أن يخرج طفلا من ظلمات الرحم إلى نور الدنيا التي اكتشف خوافيها؟ - أهذا وقته؟ - لو كنت مؤمنا بالإنسان والآلة، وبالتقدم الذي شق السماء إلى الفضاء لما خفت الآن. لماذا أنت خائف؟
وجلس عباس منهوك القوى: أتسخرين مني؟! يبدو أن لا حاجة بك إلى المستشفى الآن؟ - أنت لا تجيب.
وكيف أستطيع أن أفكر الآن؟ - أسمعت ما كنت أقوله؟ - نعم. - فاذكره دائما، واذكره وأنا بين يدي الله في رأيي، وبين يدي الآلات والإنسان والعلم الحديث في رأيك أنت.
ودخلت أمها الحجرة، وحين رأتها جالسة في هدوئها وابتسامتها المطمئنة قالت وهي تضحك: ماذا؟ هل أجل بسلامته موعد الوصول؟
وأحست ليلى الألم يعاودها، فمدت يدها إلى أمها التي سارعت إليها وأمسكت بها وهي تقول: لا، لقد حان موعده.
وقفز عباس خائفا: ماذا؟! أتلد هنا؟! بلا أطباء ولا مستشفى ولا ...
وقالت الأم الخبيرة: لا، لا، من قال هذا؟ ما زال أمامنا الوقت متسعا. - ولكنها تتألم. - وهل تظن أنكم جئتم إلى الدنيا إلا بآلامنا هذه؟ - هل أرسلت إلى أمي؟ - نعم.
ثم التفت إلى ليلى في اضطراب: هل أنت متعبة يا ليلى؟
وكان الألم قد زايل ليلى فافترت شفتاها عن ابتسامة واهنة وقالت: لا، هيا بنا.
Shafi da ba'a sani ba