ففي سورة الأنعام، ذكر بعد خَلْق السماوات والأرض، جَعْلَ الأنوار والظلمات، وذكر في سورة فاطر بعد كونه فاطر السماوات والأرض جعل الروحانيات".
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن قوله: ﴿رَبِّ العالمين﴾ مناسب لقوله فيما بعد: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾، فإن المهمة الأولى للمربي هي الهداية، ولذلك اقترنت الهداية بلفظ الرب في القرآن كثيرًا.
من ذلك قوله: ﴿قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا ياموسى * قَالَ رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى﴾ [طه: ٤٩-٥٠] . وقوله: ﴿ثُمَّ اجتباه رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وهدى﴾ [طه: ١٢٢] .
وقوله: ﴿سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى * الذي خَلَقَ فسوى * والذي قَدَّرَ فهدى﴾ [الأعلى: ١-٣] .
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام: ١٦١] .
وقوله: ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران: ٨] .
وقوله: ﴿وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هاذا رَشَدًا﴾ [الكهف: ٢٤] .
وقوله: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢] . وقوله: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] . وقوله: ﴿عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل﴾ [القصص: ٢٢] وغير ذلك.
﴿الرحمان الرحيم﴾ .
﴿الرحمان﴾: فَعْلان من الرحمة، و﴿الرحيم﴾: فعيل منها. وصيغة (فعلان) تُفِيدُ الدلالةَ على الحدوث والتجدُّد، وذلك نحو: عطشان وجوعان وغضبان، ولا تفيد الدلالة على الثبوت، وتفيد أيضًا الامتلاء بالوصف. جاء في (التفسير القيم): "ألا ترى أنهم يقولون غضبان، للممتلىء غضبًا، وندمان وحيران وسكران ولهفان، لمن مُلِئَ بذلك".