Me ya sa Musulmai suka yi jinkiri?
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
Nau'ikan
من السخفاء من يقول: نعم؛ قد كان ذلك، لكن قبل أن يخترع الإفرنج آلات القتال الحديثة، وقبل المدافع والدبابات والطيارات، وقبل أن يصير الإفرنج إلى ما صاروا إليه من القوة المبنية على العلم، وهذا القول هو منتهى السخف والسفه والحماقة، فإن لكل عصر علما وصناعة ومدنية تشاكله، وقد كانت في القرون الوسطى علوم تشاكلها، كما هي العلوم والصناعات والمدنية الحاضرة في هذا العصر، وأمور الخلق كلها نسبية، ولقد كانت في العصر الذي نتكلم عنه آلات قتال ومنجنيقات ودبابات ونيران مركبة تركيبا مجهولا اليوم، وكانت في ذلك الوقت كما هي المدافع والرشاشات وقنابر الديناميت وما أشبه ذلك في هذه الأيام.
على أنه ليست الدبابات والطيارات والرشاشات هي التي تبعث العزائم، وتوقد نيران الحمية في صفوف البشر، بل الحمية والعزيمة والنجدة هي التي تأتي بالطيارات والدبابات والقنابر، وما هذه إلا مواد صماء لا فرق بينها وبين أي حجر، فالمادة لا تقدر أن تعمل شيئا من نفسها، وإنما الذي يعمل هو الروح، فإذا هبت أرواح البشر وتحركت عزائمهم فعند ذلك نجد الدبابات والطيارات والرشاشات والغواصات وكل أداة قتال ونزال على طرف التمام.
يقولون: إلا أن هذا ينبغي له العلم الحديث، وهذا العلم مفقود عند المسلمين، فلذلك أمكن الإفرنج ما لم يمكنهم. (والجواب): أن العلم الحديث أيضا يتوقف على الفكرة والعزيمة، ومتى وجدت هاتان وجد العلم الحديث ووجدت الصناعة الحديثة، أفلا ترى أن اليابان إلى حد سنة 1868 كانوا أمة كسائر الأمم الشرقية الباقية على حالتها القديمة، فلما أرادوا اللحاق بالأمم العزيزة تعلموا علوم الأوروبيين، وصنعوا صناعاتهم، واتسق لهم ذلك في خمسين سنة، وكل أمة من أمم الإسلام تريد أن تنهض وتلحق بالأمم العزيزة يمكنها ذلك وتبقى مسلمة ومتمسكة بدينها، كما أن اليابانيين تعلموا علوم الأوروبيين كلها وضارعوهم ولم يقصروا في شيء عنهم ولبثوا يابانيين ولبثوا متمسكين بدينهم وأوضاعهم، وأيضا فمتى أرادت أمة مسلمة أدوات أو أسلحة حديثة ولم تجدها؟ إن ملاك الأمر هو الإرادة؛ فمتى وجدت الإرادة وجد الشيء المراد.
فلو أن أمة من أمم الإسلام أرادت أن تتسلح لوجدت السلاح الحديث اللازم بأنواعه وأشكاله من ثاني يوم، ولكن اقتناء السلاح ينبغي له سخاء بالأموال، وهم لا يريدون أن يبذلوا، ولا أن يقتدوا بالإفرنج واليابان في البذل، بل يريدون النصرة بدون سلاح وعتاد، أو السلاح والعتاد بدون بذل أموال، وإذا تغلب العدو عليهم من بعد ذلك صاحوا قائلين: أين المواعيد التي وعدنا إياها القرآن في قوله:
وكان حقا علينا نصر المؤمنين .
5
كأن القرآن ضمن للمؤمنين النصر بدون عمل وبلا كسب ولا جهاد بالأموال والأنفس، بل بمجرد قولنا: إننا مسلمون، أو بمجرد الدعاء والتسبيح؟ وأغرب من ذلك بمجرد الاستغاثة بالأولياء، فأصبح الكثير من المسلمين، وهم عزل من السلاح الحديث، وهم غير مجهزين بالعلم اللازم لاستعماله لا يقومون للقليل من الإفرنج المسلحين المجهزين، وصاروا إذا التقى الجمعان تدور الدائرة في أغلب الأحيان على المسلمين، فتوالى هذا الأمر عليهم مدة طويلة إلى أن فقدوا كل ثقة بنفوسهم، واستولى عليهم القنوط، ودب فيهم الرعب، وألقوا بأنفسهم إلى العدو، وبعد أن كانوا مسلمين، صاروا مستسلمين، وقد ذهلوا عن قوله تعالى:
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس .
6
ونسوا أنه لا يجوز أن يتطرق اليأس إلى قلب أحد؛ لا عقلا ولا شرعا، ولا سيما المسلم الذي يخبره دينه بأن اليأس هو الكفر بعينه، وغفلوا عن قوله تعالى في سلفهم:
Shafi da ba'a sani ba