تذكر قيام الساعة
أختم بهذه العبرة: ولأنهم حينما استيقظوا: ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف:١٩] وهم لبثوا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا كما قال الله ﷿، والله ﷿ ربط هذا الموقف بالساعة، فقال: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا﴾ [الكهف:٢١]، ولهذا قال بعض المفسرين: إن حال هؤلاء يشبه حال الناس حينما يقومون لرب العالمين: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ [يونس:٤٥]، ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ [المؤمنون:١١٢ - ١١٣]، إذًا: فالدنيا كلها بما فيها ستتحول يوم القيامة إلى ساعة من نهار، وستتحول إلى يوم أو بعض يوم كما حصل تمامًا لأهل الكهف؛ حين استيقظوا صارت الثلاثة القرون كيوم أو بعض يوم.
هذه بعض الوقفات، وهي كما قلت ليس تفسيرًا لهذه السورة ولا لهذه الآيات، إنما هي إشارات وعبر وكلما قرأنا هذه الآيات ووقفنا عندها سنرى أنا نستنبط منها دروسًا وعبرًا أعجب وأعظم مما يبدو لنا، وهذه من عجائب القرآن أنه لا تنقضي عجائبه، ولا يمل منه الإنسان، وكل يوم يتدبر فيه ويقف عنده يستنبط أمورًا وفوائد جديدة لم يكن استنبطها من قبل، وهذا كلام الله ﷿ لا يمكن أن يقاس بكلام خلقه.
أسأل الله ﷿ أن يوفقنا وإياكم جميعًا، وأن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم إنه سميع مجيب.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
10 / 17