173

Lessons in Doctrine - Al-Rajhi

دروس في العقيدة - الراجحي

Nau'ikan

شرك الرياء الشرك في الرياء هو: شرك النية والإرادة والقصد، وهؤلاء الذين يقعون في شرك الرياء على طبقتين: الطبقة الأولى: المنافقون الذين أسلموا لأجل الدنيا، وهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، وإنما أسلموا لأجل الدنيا، فهم يصومون ويتصدقون ويحجون مراءاة للناس، فهؤلاء أشركوا شركًا أكبر، وهم أهل الرياء الكثير. الطبقة الثانية: مؤمنون مسبحون، مؤمنون بالله واليوم الآخر، عملوا أعمالًا صالحة أرادوا بها الرياء، فهؤلاء وقعوا في الشرك الأصغر، فالرياء إذا كان كثيرًا كان شركًا أكبر، وهذا الذي يكون من المنافقين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، فيقع ممن معه ناقض من نواقض الإسلام كالمنافقين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، فهم يصومون ويتصدقون ويحجون مراءاة للناس، كما كان يفعل ذلك عبد الله بن أبي زعيم المنافقين في زمن النبي ﷺ، فهم يصلون، ويحجون، ويجاهدون مع النبي ﷺ، وفي يوم أحد رجع عبد الله بن أبي بثلث الجيش، وقال: إن محمدًا لا يطيعني، فهو دخل في الإسلام نفاقًا فلم يكن مؤمنًا بالله واليوم الآخر، وإن كان يصلي ويصوم ويتصدق. أما المؤمن بالله واليوم الآخر إذا صدر منه الرياء في العمل فهو شرك أصغر، أما إذا كان الرياء في العقيدة فهو شرك أكبر، قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود:١٥ - ١٦]، فهذه الآية في أهل الرياء الأكبر من الكفار، ولكن عمومها يتناول -أيضًا- أهل الرياء اليسير، وهم المؤمنون. وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾ [الإسراء:١٨]، وقال سبحانه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى:٢٠]. فالمنافق يكثر منه الرياء في العقيدة؛ لأنه دخل في الإسلام رياءً ونفاقًا، وأهل الرياء الكثير أعمالهم حابطة، وهم في الدرك الأسفل من النار، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء:١٤٥]. أما المؤمن فإنه يقع منه الرياء في العمل، كأن يعمل أعمالًا صالحة يقصد بها مالًا، أو محمدة، أو جاهًا، كمن يحج ليأخذ مالًا، أو يجاهد ليأخذ مالًاَ، أو يتعلم العلم الشرعي ليأخذ مالًا، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، أو يتعلم القرآن أو يحافظ على الصلاة لأجل وظيفة في المسجد، فهذا شرك أصغر ينافي كمال التوحيد، ويحبط العمل الذي قارنه فقط، وهو داخل في قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود:١٥ - ١٦]. وهناك صاحب الشائبتين، وهذا مسكوت عنه، وهو الذي يؤدي الواجبات إخلاصًا لله، ثم يعمل أعمالًا صالحة يريد بها الدنيا، كالمؤمن الذي يؤدي الصلوات الخمس، والزكاة، ويصوم، ويحج، ثم يعمل أعمالًا صالحة يريد بها الدنيا، كأن يحج فريضة الله عليه، ثم يحج بعد حجة الفرض لأجل الدنيا، فهذا صاحب الشائبتين، وهو مسكوت عنه، فالقرآن كثيرًا ما يذكر أصحاب الجنة الخلص، وأصحاب النار الخلص، ويسكت عن صاحب الشائبتين، فهو لما غلب عليه منهما، فإذا غلب عليه قصد وجه الله فهو لما غلب عليه، وإذا غلب عليه قصد الدنيا فهو لما غلب عليه، وهو على خطر عظيم.

8 / 7