Lessons from the Prophet's Mosque by Al-Uthaymeen
دروس الحرم المدني للعثيمين
Nau'ikan
تفسير قوله تعالى: (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به..)
قال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة:٢٨٦] يسأل المؤمنون ربهم ألا يحملهم ما لا يطيقون، ولو شاء لحملهم ما لا يطيقون، ولكنه لرأفته ورحمته قال: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة:٢٨٦] .
﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا﴾ [البقرة:٢٨٦] هذه ثلاث جمل، هل معناها واحد؟ العفو: في مقابل التفريط في الواجبات، والمغفرة: في مقابل المعاصي وانتهاك المحرمات، والرحمة: هي إزالة أثر هذه الذنوب، أو الإخلال بالواجبات.
والأصل يا إخواني في الكلمات التباين، ولهذا قيل: العطف يقتضي المغايرة، فإذا وجدتَ كلمتين وظننت أن معناهما واحد فلا تظن هكذا، نعم يأتي أحيانًا عطف المرادف على مرادفه مثل قول الشاعر:
فألفى قولها كذبًا ومينًا...
المين: هو الكذب.
﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا﴾ (أنت مولانا) أي: ولي أمرنا ومدبرنا وناصرنا: ﴿فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:٢٨٦] هذا من باب التوسل بالصفة؛ لأن الله مولى المؤمنين كما قال تعالى: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الأنفال:٤٠] نتوسل إلى الله تعالى بكونه مولانا أن ينصرنا على القوم الكافرين.
هل القوم الكافرون منفصلون عنك أو متصلون بك؟! يعني: هل الكافر واحد آخر مختلف، أو شيء متصل بك؟! إذا قابلنا الكفار فإنا نسأل الله أن ينصرنا عليهم، وهذا واضح؛ لكن هناك كافر يجري منك مجرى الدم، من هو؟ هو الشيطان.
الشيخ: (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) كما قال النبي ﵊ ذلك، والشيطان كافر، فتسأل الله أن ينصرك عليه بحيث لا تنخدع بغروره الذي حذرك الله منه في قوله: ﴿فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان:٣٣] أما كفار بني آدم فظاهرون.
وإننا بهذه المناسبة سندعو الله ﷾ فنقول: اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد، يا ذا الجلال والإكرام! يا حي يا قيوم! يا منان! يا بديع السماوات والأرض! نسألك اللهم أن تنصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك على أعدائك وأعدائهم من الصرب الكافرين، ونسألك اللهم أن تنصر إخواننا في الشيشان على أعدائك وأعدائهم من الشيوعيين الملحدين، ونسألك اللهم أن تنصر إخواننا في كشمير على أعدائهم الوثنيين، ونسألك اللهم أن تنصر المسلمين في كل مكان على أعدائهم.
ونسألك اللهم أن تؤلف بين قلوب المسلمين، وأن تجمع كلمتهم على الحق، وأن تهيئ لهم ولاة صالحين، يقودونهم بكتابك وسنة نبيك محمدٍ ﷺ.
ونسألك اللهم أن تؤلف بين قلوب شعوبنا، شبابها، وشيوخها وكهولها، وذكورها وإناثها حتى لا تتمزق وتتفرق نسألك اللهم ذلك يا رب العالمين.
ونختم هذا اللقاء بهذه الدعوة: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فإن هاتين الكلمتين قال فيهما رسول الله ﷺ: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) جدير بهاتين الكلمتين أن يقولهما الإنسان دائمًا ما لم تشغله عن واجب، فلهذا أحث نفسي وإياكم على الإكثار من هاتين الكلمتين: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، هما على اللسان خفيفتان جدًا، وهما في الميزان ثقيلتان، وحبيبتان إلى الرحمن.
4 / 10