266

Lessons by Sheikh Nabil Al-Awadi

دروس للشيخ نبيل العوضي

Nau'ikan

عمر بن عبد العزيز أمام القبور
الخليفة عمر بن عبد العزيز هل سمعتم به؟ إنه أمير المؤمنين، هذا الرجل صار أميرًا للمؤمنين، أتعرف ماذا فعل؟ كان يأتيه أحد الولاة، فيدخل في بيت -أو كوخ أمير المؤمنين أمير المؤمنين يسكن كوخًا! - فيسأله أمير المؤمنين عن أحوال الرعية وعن شئون المسلمين -لا يغيب عن المسلمين- فلما انتهى قال الوالي: أما الآن فإني سائلك يا أمير المؤمنين عن أهلك وولدك، قال: انتظر، وكان في الغرفة سراج، فأطفأ السراج وأظلمت الغرفة فقال الوالي: لم فعلت هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا السراج من أموال المسلمين أشعلته لأسأل عن أحوالهم، أما أن تسألني عن أهل بيتي وأولادي فلا يحق لي أن أشعل هذا السراج، إنه من أموال المسلمين.
كان لا يملك إلا ثوبًا واحدًا، إذا غسلته زوجته فاطمة يجلس في البيت لا يخرج حتى يجف اللباس ثم يخرج إلى الناس ويلبسه.
هذا الرجل في يوم من الأيام صلى بالناس العيد إمامًا، وبعد الصلاة مرَّ على مقبرة فنزل عن بغلته -هذا موكبه- وعنده بعض أصحابه، فقال لمن عنده: انتظروا، فذهب إلى المقبرة وأخذ ينظر إلى القبور أسألك -أخي الكريم! وأطلب منك طلبًا: اذهب للمقبرة في غير يوم جنازة، لا تقل: أذهب لجنازة قريب أو صاحب، لا.
اذهب يومًا من الأيام لوحدك هكذا، وانظر إلى القبور، وكلمها، هل يجيبك أحد؟ سلها هل يرد عليك أحد؟ - قال عمر وهو ينظر إلى المقابر: أيها الموت! ماذا فعلت بالأحبة؟ أيها الموت -يكلمهم- ماذا صنعت بهم؟ فلم يجبه أحد، ثم خرَّ على ركبتيه وهو يبكي ويردد شعرًا فيقول:
أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر
تفانوا جميعًا فما مخبرٌ وماتوا جميعًا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناسٍ مضوا أما لك فيما مضى معتبر
فإذا به يبكي بكاءً مرًا حتى اجتمع الناس حوله، حتى هدأ ﵀.
إنها القبور، إنه منزلك يا أخي الكريم! مر عليه يومًا من الأيام وتفحصه، هل تحمل معك أثاثًا؟ أو يدخل معك فيه أحد؟ بعد أيام ولعله بعد لحظات سوف تسكنه وأنت لا تدري، غفلة وأي غفلة!
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران:١٨٥] القضية أكبر من هذا، لو كان موتًا لكان هينًا، يقول الشاعر:
فلو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حيٍ
ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء

14 / 6