Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Al-Dedew Al-Shanqeeti
دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي
Nau'ikan
من أمارات عدم الخشية من الله: الكبر والعجب
وكذلك من علامات عدم الخشية: تصرف الإنسان بالكبرياء والبطر والعجب: الإنسان الذي يخشى الله ﷾ لا يكون في قلبه ذرة من عجب، فقد جاء عن النبي ﷺ: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، فالكبر هو الذي أخرج إبليس من رحمة الله تعالى، وأوصله إلى لعنة الله ﷿، ومن كان يخشى الله لا يمكن أن يستكبر ولا أن يعجب بنفسه، لعلمه بسرعة أخذ الله ﷾ وعاجل مكره وعقوبته؛ ولهذا فإن الله ﷾ قص علينا قصة قارون الذي آتاه الله من أنواع المال والتمكين والجاه والسلطان ما آتاه؛ ولكنه كفر بنعمة الله، ولم يشكر هذه النعمة لله تعالى وقال: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨]؛ قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص:٧٨]، وبيَّن الله تعالى عاقبته في هذه الحياة، فقال: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [القصص:٨١ - ٨٢].
ثم بين الله النتيجة الأخروية المترتبة على ذلك فقال: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:٨٣]، إذا رأينا الإنسان يتجاسر على الظلم، ويتجاسر على الطغيان، فهذا دليل على عدم خشيته؛ لأنه انشغل قلبه بما كبر في نفسه من أمور الدنيا من سلطانه أو جاهه أو ماله أو مكانته، فأدى ذلك به إلى هذا المستوى، وقد أخرج البخاري في الصحيح عن أبي مسعود البدري ﵁ قال: (كنت أضرب غلامًا لي بالطريق، فسمعت صوتًا من ورائي يقول: اعلم أبا مسعود، فنظرت فإذا رسول الله ﷺ، فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، قلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله، قال: أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار).
لا بد أن يتذكر الإنسان -إذا تذكر قوته وبطشه وأراد أن يوقع بالآخرين- قوة أخذ الله ﷾ وسريع عقوبته، وأنه إن استطاع أن يعذب إنسانًا في الدنيا بضربه أو شتم أو كلام قبيح، فإنه لا يقدر على شيء من عذاب الآخرة، فالله تعالى هو الذي بيده عذاب الآخرة الذي لا انقطاع له، فهو الذي يستحق أن يخشى وحده.
5 / 7