Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar
دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار
Nau'ikan
الأصل في العبادات التوقيف
وإذا أصلنا ذلك بالدليل فإنه يستلزم أن نؤصل أصلًا ثانيًا تابعًا لهذا الأصل، ألا وهو: إن كان من القربات والعبادات، فهل القربات والعبادات توقيفية، بمعنى: أن الأصل فيها المنع، أم هي جائزة لأي أحد بأن يتعبد الله بأي شيء يريد؟ الصحيح والراجح في ذلك: أن الأصل في العبادات التوقيف، فإذا قلنا: إنها عبادة، فلا بد من قول الله أو قول الرسول ﷺ، إذ أننا إذا أصلنا بأن العبادات الأصل فيها التوقيف، أي: الأصل فيها أن يتبع فيها الوحي: كتاب أو سنة رسوله ﷺ؛ فلابد من قول الله أو قول رسوله ﷺ.
وأقوى الأدلة وأصرحها على ذلك: قول الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:٢١].
إذًا: فالدين لا بد أن يأذن به الله، والشرع لا بد أن يشرعه الله جل وعلا، إما في كتابه وإما على لسان نبيه، قال ﷿: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:٢١]، وعلى هذا فالله لم يأذن بهذا الاحتفال في كتابه، ولا على لسان رسوله ﷺ، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧].
وقد يأتي متنطع فيقول: لكن الله تعالى لم يقل: وما سكت عنه النبي فلا تفعلوه.
فنقول: نعم، لكن الله قد قال ذلك ضمنًا، ويتضح ذلك إذا ضممنا دلالة هذه الآية مع دلالة الحديث الذي في الصحيحين عن عائشة ﵂ وأرضاها أنها قالت: قال رسول الله ﷺ: (من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد).
وفي رواية: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: باطل، فمن أحدث في هذا الدين الذي أتيتكم به شرعًا ووحيًا، وفعل فعله لم آتي بها، فهو باطل مردود على صاحبه.
إذًا: المسكوت عنه في العبادات لا بد أن نجتنبه؛ لأنه ليس من الدين؛ قال النبي ﷺ: (من أحدث في ديننا هذا)، أي: أحدث وأتى بأمر الذي لم آت به، فهو بدعة مردودة على صاحبها، وهذه كلها أدلة من الأثر.
وأما من النظر: فإن العبادة والقربة قد عرفها أهل العلم تعريفًا جامعًا مانعًا، فقالوا: العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه.
وما أحبه الله لا نعرفه إلا عن طريق الوحي؛ لأننا مأمورون بأن نحب ما أحبه الله جل وعلا.
هل جاءنا عن طريق الكتاب أو السنة الاجتماع والاحتفال بالمولد؟
الجواب
لا والله.
إذًا: هذا العمل لا يحبه الله جل وعلا، وأكون متنطعًا لو قلت: إن هذا العمل يحبه الله، فهل أوحى الله إلي بذلك؟! وهل أوحى لمن قال: إن الله يحب هذا الاحتفال وأمر به؟ نقول: لا والله ما أمر الله به، إنما هو مردود عليك؛ فإن الله لو أحبه لأمر نبيه أن يأمرنا بأن نحتفل به، وأن نفعل هذا الاحتفال بهذه الطريقة التي يفعلونها.
إذًا: التأصيل الأول: يبين لنا جليًا أن الاحتفال قربة وعبادة تختص بأيام خصها الله جل وعلا، وأمر بها وحث عليها.
والتأصيل الثاني: يبين لنا أن كل عبادة لا بد لها من دليل، ولا دليل على جواز الاحتفال بالمولد النبوي.
22 / 4