Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar
دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار
Nau'ikan
قول الجمهور في صيام يوم الشك
أما الجمهور فخالفوهم في التفسير وقالوا: إن قول النبي ﷺ: (فاقدروا له) يفسره رواية أخرى وهي قوله: (أتموا العدة ثلاثين) فمعنى (اقدروا له) أي: أكملوا عدد شعبان ثلاثين يومًا، فلما فسروا هذا التفسير نجم لنا قولهم في مسألة صيام يوم الشك، فقالوا بحرمة صيام يوم الشك؛ لأن الأحاديث ظاهرة في ذلك، ومنها: أولًا: قال النبي ﷺ: (صوموا لرؤيته) أي: صوموا رمضان عند رؤية الهلال، (وأفطروا لرؤيته) أي: عند رؤية هلال شوال، (فإن غم عليكم) أي: جاء الغيم ولم تروا شيئًا، (فإن غم عليكم فأتموا الشهر ثلاثين) فاستدلوا بهذه الرواية.
وأما قوله ﵊: (فاقدروا له) فهو حديث يفسره قول النبي ﷺ: (فأتموا شعبان ثلاثين) >فإن قيل: هذا من العموم، قلنا: هناك ثلاث روايات فيها التصريح، وهي قوله ﷺ: (فأتموا الشهر ثلاثين) وقوله: (فأتموا عدة شعبان ثلاثين) (الشهر تسعة وعشرون، فإن غم عليكم فأتموا العدة ثلاثين).
فهذه دلالة على أن قوله: (فاقدروا له) بمعنى: أتموا عدة شعبان ثلاثين يومًا، بل عند الجمهور ما هو أوضح من ذلك وهو فاصل للنزاع، وهو ما ورد بسند صحيح عن عمار بن ياسر ﵁ قال: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم)، ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة جدًا، فمعنى قوله (فقد عصى): أن هذا الفعل يأثم صاحبه؛ لأنه خالف النبي ﷺ، قالوا: وهذه دلالة واضحة جدًا أن صيام يوم الشك عصيان لله جل في علاه، وعصيان لرسوله ﷺ، فيكون حرامًا.
قالوا: والدليل الرابع ما جاء في السنن عن النبي ﷺ أنه قال: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم من شعبان) أي: لا تستقبلوا رمضان بصوم يوم قبله كصوم يوم من شعبان.
قالوا: ويعضد ذلك قوله: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين) فهذه الرواية يدخل فيها صيام يوم الشك، فهو محرم.
وأما الأدلة النظرية فهي أن الأصل العام الذي تتفقون معنا فيه: أن كل عبادة وقتت بوقت لا يصح أداؤها قبل الوقت، فمن قال: أؤديها قبل الوقت احتياطًا قلنا: قد تكلفت، وقد أمر الله رسوله أن يقول: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص:٨٦].
ويقول ﷺ أيضًا: (هلك المتنطعون) فالاحتياط فيما الأصل فيه براءة الذمة تنطع، فالأصل عدم شغل الذمة بالصيام، وعدم دخول شهر رمضان، فمن تعجل هذا الأمر فقد تنطع، والحيطة فيما لا حيطة فيه تنطع، وقد قال النبي ﷺ: (هلك المتنطعون).
14 / 5