Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
Nau'ikan
حكم عمل أشياء مباحة الجهات محرمة
السؤال
جزاك الله خيرًا، ذكرت أن السعي وراء الرزق الحلال من الأمور الواجبة على المسلم، وهناك أمر مهم، كثير من المسلمين يجهله، يقول الله ﷿: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:٢] فبعض المسلمين يعمل عملًا حلالًا لكن يكون فيه معاونة على الحرام، فالبع ض -مثلًا- يعمل في الحديد -يفصل أبواب- فيكون المحل الذي يريد أن يعمل له حرامًا، فهل إذا صنع بابًا لذلك المحل يكون عليه إثم؟
الجواب
في الآية التي ذكرتها، وهذا ما تعرضنا لبيانه في مناسبات كثيرة وكثيرة جدًا، من يحمل الخمر فقط في سيارته فهو ملعون؛ بنص حديث الرسول ﵊ الذي يقول: (لعن الله في الخمرة عشرة.
وذكر منهم: حاملها والمحمولة إليه)، وهذا الحديث من أحاديث كثيرة وكثيرة جدًا، تفسر الشطر الثاني من الآية التي ذكرها السائل آنفًا ألا وهو قوله ﵎: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:٢] فالذي يحمل الخمر إلى الخمارة قد أعان المدمن للخمر على شرب الخمر، كما أعان الخمار على بيع الخمر، وهكذا، ولذلك فالعمل الذي أصله مباح كما جاء في السؤال وفي الجواب، وهذا الحمل على السيارة أو على الدابة من حيث هو حمل بعينه فهو جائز، لكن العبرة كما قال ﵊، في غير هذه المناسبة: (إنما الأعمال بالخواتيم) فالمحمول هذا على هذه الجاهلة وهي السيارة -مثلًا- ما مصيرها؟ مصيرها أن تصل إلى الخمارة مساعدة للمدمنين للخمر على شربها، كذلك من يحمل أشخاصًا، نساءً أو رجالًا، إلى السينمات أو البارات، أو الملاهي المحرمة، كل هذا لا يجوز؛ لأنه يخالف الآية الكريمة: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:٢] والبحث في هذا كثير وكثير جدًا، ولعله من المهم لوقوع جماهير الناس اليوم -وبخاصة التجار منهم- في مخالفة الحديث التالي، ألا وهو قوله ﷺ: (لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه) لعن الله آكل الربا، لكن ما بال موكله؟ وما بال الشاهد والكاتب؟ الجواب في الآية: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:٢] .
لذلك يتوهم كثير من التجار الذين يظنون أنفسهم أنهم من عباد الله الصالحين، أنهم حينما يودعون أموالهم في البنوك ولا يأخذون الربا، أنهم أحسنوا بذلك الصنع، كلا ثم كلا! لقد أساءوا بذلك صنعًا؛ لأنهم أعانوا البنك على أن يأكل الربا، والرسول ﵊ كما سمعتم يقول: (لعن الله آكل الربا وموكله) أي: مطعمه لغيره، فهذا التاجر أو هؤلاء التجار الذين يودعون أموالهم في البنوك، ولو كانوا صادقين في قولهم أنهم لا يأخذون الربا، حسبهم إثمًا أنهم يُؤكِلون الربا أولئك الذين يعملون في البنك، ومعنى هذا الكلام -أيضًا- أنه لا يجوز للمسلم أن يكون موظفًا في البنك، ولو كان القمام، أو الكناس، أو الزبال -مفهوم الكلام هذا! - أي: أقل موظف، فلذلك أي موظف في البنك من المدير إلى الكناس يشملهم هذا النص القرآني، ثم الحديث النبوي: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:٢] (لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه) .
والآن يوجد في البنك أنواع من التعاون، فليست الأنواع محصورة بالكاتب والشاهد، فالآن ليس هناك حاجة للشهود أبدًا؛ لأن الجماعة نظموا أمورهم على القانون الغربي الذي لا يحرم ولا يحلل، كما قال الله ﷿ في القرآن الكريم: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة:٢٩] .
والبحث في هذا طويل جدًا، وهناك أنواع من الأحاديث رهيبة جدًا، كلها تلتقي على نقطة هامة جدًا، وهي أنه لا يجوز للمسلم أن يكون عونًا لغيره على ارتكاب منكر، وبهذا القدر الكفاية.
18 / 7