217

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

Nau'ikan

الخوف من الله حقيقته وفضله إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ﵌، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. يقول المصنف ﵀: الترغيب بالخوف وفضله. هذا الباب عقده المؤلف ﵀ في الترغيب في أن يعيش المسلم خائفًا من الله ﵎ خاشيًا له، ويذكر تحته ما جاء من الأحاديث عن النبي ﷺ ببيان هذا الخوف من الله ﷿. وعلى ما ستسمعون من أحاديث كثيرة تشهد لهذا الباب، ففي ذلك دلالة قاطعة على أن المسلم كلما كان إسلامه أقوى وأتم؛ كلما كان خوفه من الله ﵎ وخشيته له أعظم، ونحن إذا نظرنا إلى بعض الآيات التي جاءت في كتاب الله ﷿، فضلًا عن الأحاديث التي ستأتي في هذا الباب؛ لوجدناها دائمًا وأبدًا تذكر عباد الله الأتقياء الصلحاء بالخوف من الله ﵎، وكلما كان أحدهم أقرب إلى الله ﷿ وأعلى منزلةً عنده؛ كلما كان أتقى وأخشى لربه ﷿، فهؤلاء رسل الله صلى الله عليهم وسلم قد وصفهم الله ﵎ بأنهم: ﴿يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ﴾ [الأحزاب:٣٩] كذلك وصف الله العلماء بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:٢٨] . وجاء في صحيح البخاري عن النبي ﷺ في قصة الرهط وغيرهم أنه قال: (أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له) . هذا في البشر، وهناك وصفٌ من الله ﵎ لخلقٍ من خلقه اصطفاه على كثير من عباده ألا وهم الملائكة المقربون، وصفهم ربنا ﷿ بقوله: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل:٥٠] هؤلاء الملائكة الموصوفون في القرآن الكريم بأنهم: ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم:٦] مع ذلك هم موصوفون -أيضًا- بأنهم يخافون ربهم من فوقهم، فإذا كان الأمر هكذا؛ فإن الملائكة والرسل والعلماء، كل هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء يخشون الله ﵎، وكما ذكرت آنفًا كلما كان أتقى كان أخشى، كما قال ﵊: (أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له) . لذلك فمن العبث ومن الكلام الباطل المعسول أن يُنقل عن بعض المتصوفة، سواء كانوا نساءً أو رجالًا، أن أحدهم كان يقول في مناجاته لربه ﵎: "ما عبدتك طمعًا في جنتك ولا خوفًا من نارك " إلى آخر الخرافة المزعومة، لا يتصور من إنسان عرف الله حق معرفته ألا يخشى من ربه ﵎، بل -كما ذكرنا- كلما كان مقربًا إلى الله كلما كان أخوف من الله وأخشى لله ﷿، وما المقصود من مثل هذه الخرافة الصوفية إلا أن يُحمل الناس أن يعيشوا هكذا، ليس هناك خوف منهم لله يحملهم على تقواه، ولا -أيضًا- عندهم رغبة فيما عند الله يطمعهم في أن يزدادوا تقىً من الله.

17 / 2