Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
Nau'ikan
حديث: (من سن في الإسلام سنة حسنة) مثال لما سبق
ولعله يحسن أن نضرب مثلًا آخر؛ لأن له علاقة بكثير مما يثار اليوم ويجري النقاش حوله، ويستدل عليه بقوله ﵌: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيء) إلى آخر الحديث.
فإن جماهير العلماء اليوم وقبل اليوم ببضع قرون، يفسرون هذا الحديث تفسيرًا على خلاف ما يدل عليه سبب وروده، فيقولون: معنى الحديث: (من سن في الإسلام سنة حسنة) أي: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، وعلى ذلك يضطرون إلى أن يخصصوا عموم قوله ﵇ في الحديث السابق ذكره: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وكذلك يفعلون بالحديث الذي هو أوضح في الدلالة على عموم وشمول الذم لكل بدعة، ألا وهو قوله ﷺ: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) .
فحينما وقعوا في تأويل الحديث السابق: (من سن في الإسلام سنة حسنة) بمن ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، اضطروا توفيقًا بين ذاك الحديث وهذا المفهوم للحديث، ولا أقول بين ذاك الحديث وهذا الحديث؛ لأنه في الحقيقة لا تنافر ولا تنافي بينهما، وإنما جاء التنافر والتنافي بين ذلك الحديث العام الذي لا إشكال فيه: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)، وبين الفهم الخاص لقوله: (من سن في الإسلام سنة حسنة)، أي: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، فقالوا: إذًا قوله كل بدعة ضلالة من العام المخصوص، وحينئذٍ يكون معنى الحديث: ليس كل بدعة ضلالة.
فما هو معنى الحديث الذي تأولوه بالبدعة؟ الحقيقة أننا نستطيع أن نفهم الحديث فهمًا لا يتنافى مع العموم المذكور (كل بدعة ضلالة) من نفس المتن أولًا، ثم نبتغي دعمًا لهذا الفهم من سبب وروده ثانيًا.
ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حينما قال في الحديث: (من سن في الإسلام سنة) وصفها في الطرف الأول من الحديث بحسنة، وفي الطرف الثاني الذي استغنيت عن ذكره لشهرته بقوله: (سنة سيئة) فإذًا هذا الحديث يدلنا على أن في الإسلام سنة حسنة، وفي الإسلام سنة سيئة.
12 / 6