سوى بالحواجب والعيون، ولم أحادثه سوى بإشارة الأصابع وغمز الجفون:
غَمَزْتُهُ بناظري ... ولم أفُهُ بكلمة
أجابني حاجُبه ... لكنْ بُنون العَظمَة
ولم أزل على هذه الحالة مقيمًا هناك، وأنا مجتهد على العود فيما فيه مناك وهناك، فالتفت إليه أترابه الأتراك، الناصبون لمثلك أشراك الأشراك، وقالوا: لابد من اصطيادك معنا هذا النهار، والتنزه بالسرحة إلى المساء والمسار.
فقال: أجدني لا نشاط لي في الركوب اليوم، ولا غرض لي في السرحة أيها القوم.
فقالوا: والله لابد من الركوب معنا هذه الساعة، فانهض ولا تتوان فيد الله مع الجماعة،
فأنت واصل حبلنا، وجامع شملنا، وأنت بدرنا، ونحن كواكبك، وأنت أعيننا، ونحن حواجبك، فإن سرحت شرحت بطلعتك الصدور، وإن تخلفت كدرت الورود والصدور، فأجبرنا معشر المماليك، أيها المالك، فو حياة رأسك لا بد من ذلك.
فلم يمكنه إلا إجابة سؤالهم بالقبول، وأجراهم منه على خلق ألطف من نسمات القبول، فشد حياصته وقلبي يتقطع ويذوب، وقدم أليه جواده الأشقر للركوب، وتحين غفلتهم وأتاني، وحياني فأحياني.
وقال: مرحبًا بكَ وأهلًا، ورعيًا لكَ وسهلًا، فتعظيمك واجب لمرسلك الميتم، وأكرامك متعين ولأجل عين ألف عين تكرم:
أُجازي على العَين لأنَّهُ ... لعينِ تُجازى ألف عينٍ وتُكرَمُ
سلمْ عليه من جهتي أبلغ السلام، وعرفه ما عندي من الشوق والغرام، وأنتي لا أختار
1 / 49