وأشرت، وبك من العشق ما يذود عن جفنك المنام، ومن الولوع ما أسلمك إلى الوجد والهيام، ولحقك من الغرام، ما تقول وتدعي المقالة، فأت بها ودع عنك الإطالة، فأنا لا أقبل من الشهود إلا من يظهر لي حاله، وتحسن عندي أقواله وأفعاله.
فقلت له: عندي شهود معروفون بالعدالة، مقبولون عندك في المقالة، يسجلون على قاضي الحب ما يدعيه المشوق، فيرقم تحت كل اسم مقبول أمين ثقة عدل صدوق:
وعندي شُهُود للصَّبابة والأسى ... يُزَكُّونَ دعوايَ إذا جئتُ أدَّعي
سقامي وتسهيدي وشوقي وأنَّتي ... ووَجْدي وأشجاني وحُزْني وأدمعي
فقال: زدني بينه على دعواك، فقد أنكرتُ حالك في محبتك وهواك، وتكثير البينة مما تطمئن إليها النفوس، وتحصل بها العناق والبوس، بعد العناء والبؤس.
فقلت له وشهودي معي، وقد فاضت عيوني بأدمعي:
إنْ كنتَ تنكر حالي والغرام وما ... ألقي وأنَي في دعواي مُتَّهمُ
فاللَّيلُ والويلُ والتَّسهيدُ يشهد لي ... والحُزنُ والدَّمعُ والأشواقُ والسّقمُ
فقال: الآن علمنا حالك، فإن شهودك عدول، وأن ليس لما ذكرت من الأشجان عندك عدوزل، ولكنني أريد منك يمينًا لست فيها تمين، بأن عندك من الحنين ما يشيب الجنين، وأني عندك من جميع الخلق أعز، وفي عينيك أحلى الناس وأبز، وأن وصالي أحب إليك من الدنيا
1 / 21