لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار
لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار
Nau'ikan
الحمد لله فياض ذوارف العوارف وملهم حقايق المعارف واهب حيوة العالمين ورافع درجات العالمين والصلاة على خير بريته وخليفته فى خليقته محمد وآله خير آل ما ظهر لامع الا وخطر معنى ببال اما بعد فان العلوم على تشعب فنونها وتكثر شجونها ارفع المطالب وانفع المآرب وعلم المنطق من بينها ابينها تبيانا واحسنها شانا يا له منقبة تجلت فى الشرف والبهاء ومرتبة جلت عن الفضل والسناء فيه شفاء عن الاسقام ونجاة عن الآلام واشارات الى كنوز التحقيق وتنبيهات على رموز التدقيق وكشف الاسرار وبيان لعويصات الافكار بل انوار الهداية ومطالعها ووسائل الدراية وذرايعها ومباحث كاشفة عن الحقائق ومقاصد جامعة للدقائق من رام اختيار المعلوم فهو عينها او رغب فى انتقاد نقود المعارف فهو فضتها وعينها لا يؤمن من الاغاليط وتمويهات الاوهام الا به ولا يهتدى الى سواء السبيل الا بدرك مطالبه ولو لاه لا اتضح الخطاء عن الصواب ولم يتميز الشراب عن لامع السراب وانه لمعيار النظر والاعتبار وميزان التامل والافكار فكل نظر لا يتزن بهذا الميزان ليبرز فى معرض البطلان وكل فكر لا يعبر بهذا المعيار فهو لا يكون الا فاسدا العيار فيه معالم للهدى ومصابيح بخلو الدجى وصياقل الاذهان ولأمر ما اصبح العلماء الراسخون الذين تلألأ فى ظلم الليالى انوار قرائحهم الوفادة واستنار على صفحات الايام اثار جواهرهم النقادة يحكمون بوجوب معرفته ويفرطون فى اطرافه ومدحته حتى ان الشيخ ابا على بن سينا اذا حاول التنبيه على جلالة قواعد وفضلها قال المنطق نعم العون على ادراك العلوم كلها وابا نصر الفارابى ذلك الفيلسوف الذي لم يظفر بمثله فى تحقيق المعانى وتشييد المبانى وترقى امره الى حيث لقب بالمعلم الثاني راه كالعلق النفيس واذا قاسه بالعلوم الاخرى احله منها محل الرئيس ازهاره زهرت اعرافه ظهرت انواره بهرت فى ظلمة الليل وانى كنت فيما مضى من الزمان الى هذا الأوان مشعوفا بتحصيله مفتشا من اجماله وتفصيله شاطا راكبا على قطوف التأمل فى الشوط فاضلا نبال اللهج عن قوس الفرط واثقا فى استتبانه بصدق همة تلفظ مراميها الى المطالب وجودة قريحة تسوق حاد بها الى المآرب لم ار عالما من علماء الزمان مشارا اليه فى البيان بالبنان الا وقد استطلعته طلع بدايع اشكاله وسألته الكشف عن مواقع اشكاله ولا يبقى كتاب فيه يبالى بشأنه او يرغب فى انتهاج سنن ميدانه الا وقد تصفحت سينه وشينه وتعرفت غثه وسمينه لا سيما كتاب الشفاء الذي لا يطلع على مقاصده الا واحد بعد واحد من الازكياء ولا يهتدى الى دقايقه الا وارد بعد وارد من الفضلاء فكم صعد نظرى فيه وصوب وكم نقر عن معضلاته ونقب حتى وجدت فى اكثر ما نقل عنه المتأخرون خللا بينا والفيت فى جل ما اعترضوا عليه زللا مبينا ما قدروا على افتراغ بكار معانيه فهى بعد تحت حجب الألفاظ مستورة ولا فتقوا ارتق مبانيه وازاهيرها من وراء الأكمام ظاهرة منظورة
اذا لم تكن للمرء عين صحيحة ... فلا غروان يرتاب والصبح مسفر
فخالج قلبى ان ارتب فى هذا الفن كتابا انقد فيه الافكار واوضح الاشرار واحقق ما غفل سوء الفهم عن تحقيقه او ابين ما تطرق الشبهة فى طريقه كاشفا عن مواضع البس مميزا بين السها والشمس لا بل اشيد قواعد الكلام بما يسطع صبح الحق عن افق بيانه واوشح معاقد الايام بما ينظم التقرير المحرر من لئالي تبيانه واجمع عقد الدر بعد شتاته بقدر اجتهاد الوسع والوسع مبذول وكم غرمت فانتقض العزم وقد تقدمت فتاخر الفهم اذ انا فى زمان صار الجهل فيه مشهورا والعلم كان لم يكن شيئا مذكورا درست المعالم وعفت اثارها وارتفعت المجاهل واتقدت نارها العالم فيه مطروح على الطرق والجاهل محمول على الحدق لو قلت عميت اعين الزمان لما كذبت او عيرت ادوار الفلك الدوار عن سمت الصواب لما تجنبت ولكننى عذرت دهرى ونبذت فعلته وراء ظهرى حين عاينت حسنة كبرى من حسناته وشاهدت اية عظمى من آياته فهى التي تغطى على جميع السيئات بمكانتها بل لا يكترث لشان الزمان وحوادثه من يكون فى دايرة صيانتها وما هى الا دولة الصاحب الذي يصاحبه الاقبال والمجد والكرم المخدوم الاعظم دستور اعاظم الوزراء فى العالم مالك زمام حكام العرب والعجم رافع مراتب العلم الى الغاية القصوى مظهر كلمات الله العليا المخصوص بالنفس القدسية المكرم بالرياسة الأنسية ناظورة ديوان الوزارة عين اعيان الأمارة الفائز من قداح الفضل بالقدح المعلى المشهود له فى المعارف باليد الطولى كاشف اسرار استار الحقائق بفكره الصائب منور اسرار الدقائق برايه الثاقب
لما بدت منه محامد جمة ... فى الناس سمى بالأمين محمد
الصاحب المفضال منصور اللوى ... الماجد القرم الكريم الأوحد
راى له كالبدر يشرق فى الدجى ... ويريك احوال الخلائق فى غد
يا من يسائلنا عن الغايات ان ... فكرت فيه فهو غاية مقصد
ما ان مدحت محمدا بمقالتى ... لكن مدحت مقالتى بمحمد
Shafi 3