352

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Mai Buga Littafi

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Bugun

الثانية

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

دمشق

Nau'ikan
Hanbali
Dauloli
Osmanni
تُكْتَبُ لِلْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ غَيْرُ كِتَابَةِ الْمَقَادِيرِ السَّابِقَةِ لِخَلْقِ الْخَلَائِقِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد: ٢٢] كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» " كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ: فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَصِفَتَهُ حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا، وَيَكْتُبُ أَجَلَهُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَحْكَامِ وَالْكَلَامِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمُتَعَلِّقَاتِ ذَلِكَ]
[علة التكليف]
«الْبَابُ الثَّالِثُ
فِي الْأَحْكَامِ وَالْكَلَامِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمُتَعَلِّقَاتِ ذَلِكَ»
اعْلَمْ - وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ لِمَرْضَاتِهِ - أَنَّ طُرُقَ النَّاسِ قَدِ اخْتَلَفَتْ فِي عِلَّةِ التَّكْلِيفِ وَحِكْمَتِهِ، مَعَ كَوْنِ اللَّهِ ﷾ لَا يَنْتَفِعُ بِطَاعَةٍ، وَلَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةٌ، فَسَلَكَتِ الْجَبْرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مَسْلَكَهُمُ الْمَعْرُوفَ، وَأَنَّ ذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ مَحْضِ الْمَشِيئَةِ وَصَرْفِ الْإِرَادَةِ، وَأَنَّهُ لَا عِلَّةَ وَلَا حِكْمَةَ لَهُ وَلَا مَا يَحُثُّ عَلَيْهِ سِوَى مَحْضِ الْإِرَادَةِ، وَسَلَكَتِ الْقَدَرِيَّةُ مَسْلَكَهَا الْمَعْرُوفَ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِئْجَارٌ مِنْهُ لِعَبِيدِهِ لِيَنَالُوا أَجْرَهُمْ بِالْعَمَلِ، فَيَكُونَ الذَّنْبُ اقْتِضَاءَهُمُ الثَّوَابَ بِلَا عَمَلٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْدِيرِ الْمِنَّةِ، وَالْمَسْلَكَانِ فَاسِدَانِ كَمَا تَرَى، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَحَسْبُكَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ وَالنَّقْلُ الصَّحِيحُ مِنْ بُطْلَانِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ وَفَسَادِهِمَا، وَلَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ هَذَيْنِ الْمَسْلَكَيْنِ إِلَّا مَسْلَكُ مَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنِ الدِّيَانَاتِ، وَاتِّبَاعِ الرُّسُلِ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الشَّرَائِعَ وَضَعَتْ نَوَامِيسَ تَقُومُ عَلَيْهَا مَصْلَحَةُ النَّاسِ وَمَعَايِشُهُمْ، وَأَنَّ فَائِدَتَهَا تَكْمِيلُ قُوَّةِ النَّفْسِ الْعَمَلِيَّةِ وَارْتِيَاضُهَا ; لِتَخْرُجَ عَنْ شِبْهِ الْأَنْعَامِ فَتَصِيرَ مُسْتَعِدَّةً لِأَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِقَبُولِ الْفَلْسَفَةِ الْعُلْيَا وَالْحِكْمَةِ.
وَهَذَا مَسْلَكٌ خَارِجٌ عَنْ مَنَاهِجِ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ. وَأَمَّا أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْبَصَائِرِ، فَحِكْمَةُ اللَّهِ ﷿ فِي تَكْلِيفِهِمْ مَا كَلَّفَهُمْ بِهِ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ عِنْدَهُمْ مِمَّا يَخْطُرُ بِالْبَالِ، أَوْ أَعْرَبَ بِهِ الْمَقَالُ، فَيَشْهَدُونَ

1 / 352