319

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Mai Buga Littafi

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Bugun

الثانية

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

دمشق

Nau'ikan
Hanbali
Dauloli
Osmanni
نَصًّا فِي عَدَمِ التَّأْثِيرِ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ وَاقِعٌ بِالْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ، وَالْوُقُوعَ فَرْعُ التَّأْثِيرِ، نَعَمْ آخِرُ كَلَامِهِ يُعْطِي أَنْ لَا تَأْثِيرَ لَهَا حَيْثُ شَبَّهَهُ بِتَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِالْمَعْلُومِ، عَلَى أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ نَصَّ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْثِيرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ شِفَاءِ الْعَلِيلِ، ثُمَّ حَطَّ الْقُشَاشِيُّ كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ تَحْصِيلُ الْعَبْدِ بِقُدْرَتِهِ الْمُؤَثِّرَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ مَشِيئَتُهُ الْمُوَافِقَةُ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَتَقْرِيرُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَ التَّوَسُّطِ الَّذِي يَتَحَصَّلُ بِهِ مُؤَدَّى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنَ الْمُكَلَّفِ بِلَا تَكَلُّفٍ. قَالَ الْكُورَانِيُّ: ثُمَّ رَأَيْتُ مِنْ نُصُوصِ الشَّيْخِ الْأَشْعَرِيِّ ﵀ فِي كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ الَّذِي هُوَ آخِرُ تَصَانِيفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهُوَ - أَيْ كِتَابُ الْإِبَانَةِ - الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمُعْتَقَدِ مِنْ بَيْنِ كُتُبِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ؛ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - أَيِ الْأَشْعَرِيَّ - إِنَّمَا نَفَى الِاسْتِقْلَالَ لَا أَصِلَ التَّأْثِيرِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَتَمْكِينِهِ.
وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مُوَافِقًا لِلْأَشْعَرِيِّ فِي التَّحْقِيقِ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُ فِي الْإِبَانَةِ. ثُمَّ قَالَ الْكُورَانِيُّ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيِّ، قَالَ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، قَالَ: وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الشُّكْرِ مِنَ الْإِحْيَاءِ: وَلَا قَادِرَ إِلَّا الْمَلِكُ الْجَبَّارُ. وَقَالَ فِي جَوْهَرِ الْقُرْآنِ، فِي جَدِيرِ الْمَحَبَّةِ: لَا قَدَرَ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا عِلْمَ إِلَّا لِلْوَاحِدِ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا لِغَيْرِهِ الْقُدْرَةُ الَّتِي أَعْطَاهُ إِلَخْ. وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ - يَعْنِي الْإِنْسَانَ - مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَيْسَتْ قُدْرَتُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَبِنَفْسِهِ، بَلِ اللَّهُ خَالِقُهُ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِ وَأَسْبَابِهِ، وَالْمُمَكِّنُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ سَلَّطَ بَعُوضَةً عَلَى أَعْظَمِ مَلِكٍ وَأَقْوَى شَخْصٍ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ لَأَهْلَكَهُ، فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ إِلَّا بِتَمْكِينِ مَوْلَاهُ. قَالَ الْكُورَانِيُّ: فَهُوَ قَائِلٌ: إِنَّ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً مُؤَثِّرَةً بِتَمْكِينِ اللَّهِ لَا مُسْتَقِلًّا، وَهَذَا التَّمْكِينُ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْإِذْنِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٠٢] انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَإِنَّمَا ذَكَرَ لَكَ أَقَاوِيلَ هَؤُلَاءِ مَعَ أَنَّ عُمْدَةَ الْمُعْتَقَدِ عِنْدَنَا الْغَيْرِ الْمُنْتَقَدِ فِي عَقْدِنَا - مَذْهَبُ السَّلَفِ الْمُقَرَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُرْضِي الْمُحَرَّرِ ; لِتَعْلَمَ أَنَّ مُحَقِّقِي الْأَشَاعِرَةِ لَهُمْ مُوَافَقَةٌ عَلَى حَقِيقَةِ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَالْإِغْضَاءُ عَمَّا يُنَمِّقُهُ الْخَلَفُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

1 / 319