Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Mai Buga Littafi
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
1402 AH
Inda aka buga
دمشق
Nau'ikan
Aƙida da Mazhabobi
وَاحِدٍ بَلْ قَدْ تَلَاعَبَ بِهِمُ الشَّيْطَانُ كَتَلَاعُبِ الصِّبْيَانِ بِالْكُرَةِ، قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَمَلَاحِدَتُهُمْ هُمْ أَهْلُ التَّعْطِيلِ الْمَحْضِ، فَإِنَّهُمْ عَطَّلُوا الشَّرَائِعَ، وَعَطَّلُوا الْمَصْنُوعَ عَنِ الصَّانِعِ، وَعَطَّلُوا الصَّانِعَ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَعَطَّلُوا الْعَالَمَ عَنِ الْحَقِّ الَّذِي خُلِقَ لَهُ وَبِهِ، فَعَطَّلُوهُ عَنْ مَبْدَئِهِ وَمَعَادِهِ عَنْ فَاعِلِهِ فِي غَايَتِهِ، ثُمَّ سَرَى هَذَا الدَّاءُ مِنْهُمْ فِي الْأُمَمِ، وَفِي فِرَقِ الْمُعَطِّلَةِ أَوَّلًا وَآخِرًا. وَلِهَذَا قَالَ: (وَضَلَّ مَنْ أَثْنَى عَلَيْهَا بِالْقِدَمِ) فَهَؤُلَاءِ هُمُ الضُّلَّالُ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ مِنَ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ، وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
[الكلام في الحكمة والتعليل]
«وَرَبُّنَا» ﵎ «يَخْلُقُ» مَا شَاءَ أَنْ يَخْلُقَهُ مِنْ سَائِرِ مَخْلُوقَاتِهِ «بِاخْتِيَارٍ» مِنْهُ فَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا لِمَا يَشَاءُ، وَأَنَّهُ تَقُومُ بِذَاتِهِ الْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيَّةُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، فَلَمْ يُحْدِثْ لَهُ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، فَيَخْلُقُ سُبْحَانَهُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَيُحْدِثُ الْحَوَادِثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مِثَالٍ سَابِقٍ أَوْ لَا، وَالْإِبْدَاعُ إِحْدَاثُ الشَّيْءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ «مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ» مِنْهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، أَيْ يَخْلُقُ الْخَلْقَ لَا لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ «وَلَا اضْطِرَارٍ» عَلَيْهِ فَالْحَاجَةُ الْمَصْلَحَةُ وَالْمَنْفَعَةُ، وَالِاضْطِرَارُ الْإِلْجَاءُ وَالْإِحْوَاجُ وَالْإِلْزَامُ وَالْإِكْرَاهُ، فَلَا حَاجَةَ بَاعِثَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ لِلْخَلْقِ، وَلَا مُكْرَهَ لَهُ عَلَيْهِ، بَلْ خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَمَرَ بِالْمَأْمُورَاتِ لِمَحْضِ الْمَشِيئَةِ، وَصَرْفِ الْإِرَادَةِ، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ مَنْ يُثْبِتُ الْقَدَرَ، وَيَنْتَسِبُ إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ بِهِ طَوَائِفُ مِنَ الْحَنْبَلِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ.
وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ نُفَاةِ الْقِيَاسِ فِي الْفِقْهِ مِنَ الظَّاهِرِيَّةِ كَابْنِ حَزْمٍ وَأَمْثَالِهِ، وَحُجَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِلَّةٍ لَكَانَ نَاقِصًا بِدُونِهَا، مُسْتَكْمَلًا بِهَا، فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُودُ تِلْكَ الْعِلَّةِ وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءً، أَوْ يَكُونُ وُجُودُهَا أَوْلَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ امْتَنَعَ أَنْ يَفْعَلَ لِأَجْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ ثَبَتَ أَنَّ وُجُودَهَا أَوْلَى بِهِ، فَيَكُونُ مُسْتَكْمَلًا بِهَا، فَيَكُونُ قَبْلَهَا نَاقِصًا، وَأَيْضًا فَالْعِلَّةُ إِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً وَجَبَ قِدَمُ الْمَعْلُولِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْغَائِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْمَعْلُولِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الْوُجُودِ عَنِ الْمَعْلُولِ كَمَا يُقَالُ - أَوَّلُ الْفِكْرَةِ آخِرُ الْعَمَلِ
1 / 280