267

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Mai Buga Littafi

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

دمشق

[فصل في إيمان المقلد]
[ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ]
فَصْلٌ
فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ فِي الْعَقَائِدِ وَعَدَمِهَا وَفِي جَوَازِهِ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ أَشَارَ النَّاظِمُ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ وَالَّذِي هُوَ مَزَلَّةُ أَقْدَامٍ فَقَالَ:
«وَكُلُّ مَا يُطْلَبُ فِيهِ الْجَزْمُ ... فَمَنْعُ تَقْلِيدٍ بِذَاكَ حَتْمُ»
«لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالظَّنِّ ... لِذِي الْحِجَى فِي قَوْلِ أَهْلِ الْفَنِّ»
«وَقِيلَ يَكْفِي الْجَزْمُ إِجْمَاعًا بِمَا ... يُطْلَبُ فِيهِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَا»
«فَالْجَازِمُونَ مِنْ عَوَامِّ الْبَشَرِ ... فَمُسْلِمُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْأَثَرِ» .
«وَكُلُّ مَا» أَيْ حُكْمٌ وَمَطْلُوبٌ مِمَّا عَنْهُ الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْكَلَامِ الْخَبَرِيِّ، وَهُوَ مَا أَنْبَأَ عَنْ أَمْرٍ فِي نَفْسِكَ مِنْ إِثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ، وَالْمُرَادُ هُنَا كُلُّ اعْتِقَادٍ «يُطْلَبُ فِيهِ» أَيْ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا يَجِبُ لَهُ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ «الْجَزْمُ» بِأَنْ يَجْزِمَ بِهِ جَزْمًا لَا يَحْتَمِلُ مُتَعَلِّقُهُ النَّقِيضَ عِنْدَهُ لَوْ قَدَّرَهُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ طَابَقَ الْوَاقِعَ فَهُوَ اعْتِقَادٌ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَفَاسِدٌ، فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ «فَمَنْعُ تَقْلِيدٍ» وَهُوَ لُغَةً وَضْعُ الشَّيْءِ فِي الْعُنُقِ حَالَ كَوْنِهِ مُحِيطًا بِهِ، وَذَلِكَ الشَّيْءُ يُسَمَّى قِلَادَةً وَجَمْعُهَا قَلَائِدُ، وَعُرْفًا أَخْذُ مَذْهَبِ الْغَيْرِ يَعْنِي اعْتِقَادَ صِحَّتِهِ وَاتِّبَاعِهِ عَلَيْهِ بِلَا دَلِيلٍ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالدَّلِيلِ فَلَيْسَ بِمُقَلِّدٍ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ وَافَقَهُ فَالرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِهِ ﷺ لَيْسَ بِتَقْلِيدٍ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - فِي الْمُسَوَّدَةِ: التَّقْلِيدُ قَبُولُ الْقَوْلِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَلَيْسَ الْمَصِيرُ إِلَى الْإِجْمَاعِ بِتَقْلِيدٍ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ دَلِيلٌ، وَلِذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَا يُقَالُ تَقْلِيدٌ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ مَنْ قَلَّدَ الْخَبَرَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَطْلَقَ اسْمَ التَّقْلِيدِ عَلَى مَنْ صَارَ إِلَى الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ.
انْتَهَى مُلَخَّصًا «بِذَاكَ» أَيْ بِمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْجَزْمُ وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالظَّنِّ «حَتْمِ» بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ لَازِمٌ وَاجِبٌ، قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَغَيْرُهُمْ يَحْرُمُ التَّقْلِيدُ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ، وَكَذَا فِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا تَوَاتَرَ وَاشْتَهَرَ، عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ وَالْأَكْثَرِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ قَالَهُ

1 / 267