Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Mai Buga Littafi
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambar Fassara
الثانية-١٤٠٢ هـ
Shekarar Bugawa
١٩٨٢ م
Inda aka buga
دمشق
الَّذِينَ يَجْحَدُونَ مِنَ الْعُلُومِ مَا سِوَى الْحِسِّيَّاتِ، فَرَجَعَتْ أَسَانِيدُ الْجَهْمِ إِلَى الْيَهُودِ وَالصَّابِئِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ الضَّالِّينَ، إِمَّا مِنَ الصَّابِئِينَ، وَإِمَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا عُرِّبَتِ الْكُتُبُ الرُّومِيَّةُ زَادَ الْبَلَاءُ مَعَ مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الضَّلَالِ ابْتِدَاءً مِنْ جِنْسِ مَا أَلْقَاهُ فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ.
وَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ، انْتَشَرَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ الَّتِي كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَهَا مَقَالَةَ الْجَهْمِيَّةِ ; بِسَبَبِ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ وَذَوِيهِ. وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ مِثْلَ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَبِشْرٍ الْحَافِي، وَغَيْرِهِمْ فِي هَؤُلَاءِ فِي ذَمِّهِمْ وَتَضْلِيلِهِمْ مَعْرُوفٌ، وَهَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ الْمَوْجُودَةُ الْيَوْمَ بِأَيْدِي النَّاسِ مِثْلَ أَكْثَرِ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِ (التَّأْوِيلَاتِ)، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ (تَأْسِيسَ التَّقْدِيسِ)، وَيُوجَدُ كَثِيرٌ مِنْهَا فِي كَلَامِ خَلْقٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ، مِثْلَ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيِّ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ، هِيَ بِعَيْنِهَا التَّأْوِيلَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ فِي كِتَابِهِ، كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الرَّدِّ الَّذِي صَنَّفَهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمَشَاهِيرِ فِي زَمَنِ الْبُخَارِيِّ، وَسَمَّى كِتَابَهُ (رُدُّ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَلَى الْكَاذِبِ الْعَنِيدِ، فِيمَا افْتَرَى مِنَ التَّوْحِيدِ)، فَإِنَّهُ حَكَى هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ بِأَعْيَانِهَا عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ، ثُمَّ رَدَّهَا بِكَلَامٍ إِذَا طَالَعَهُ الْعَاقِلُ الذَّكِيُّ، يُسَلِّمُ حَقِيقَةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَيَتَبَيَّنُ لَهُ ظُهُورُ الْحُجَّةِ لِطَرِيقِهِمْ، وَضَعْفُ حُجَّةِ مَنْ خَالَفَهُمْ.
وَقَدْ أَجْمَعَ أَئِمَّةُ الْهُدَى عَلَى ذَمِّ الْمَرِيسِيَّةِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ كَفَّرَهُمْ وَضَلَّلَهُمْ، وَيُعْلَمُ بِمُطَالَعَةِ كِتَابِ ابْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ السَّارِيَ فِي هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ تَسَمَّوْا بِالْخَلَفِ هُوَ مَذْهَبُ الْمَرِيسِيَّةِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَمَذْهَبُ السَّلَفِ حَقٌّ بَيْنَ بَاطِلَيْنِ، وَهُدًى بَيْنَ ضَلَالَيْنِ، قَالَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁: لَا يُوصَفُ اللَّهُ - تَعَالَى - إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ لَا نَتَجَاوَزُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ: مَذْهَبُ السَّلَفِ أَنَّهُمْ يَصِفُونَ اللَّهَ - تَعَالَى - بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ مِنْ
1 / 24