Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Mai Buga Littafi
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
1402 AH
Inda aka buga
دمشق
Nau'ikan
Aƙida da Mazhabobi
: لَوْ كَانَتِ الصِّفَةُ ثَابِتَةً، لَكَانَتْ مُشَارِكَةً فِي أَخَصِّ صِفَاتِهِ، فَتَكُونُ الصِّفَةُ إِلَهًا، وَيَدَّعُونَ أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الصِّفَاتِ فَقَدْ قَالَ قَوْلَ النَّصَارَى، كَمَا حَكَاهُ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ عَنْهُمْ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِمْ وَهَذَا بَاطِلٌ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ صِفَةَ الْمَوْصُوفِ الْمُحْدَثِ الْمُمْكِنِ إِذَا وَافَقَتْهُ فِي كَوْنِهَا مُحْدَثَةً مُمْكِنَةً، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ تَكُونَ مُمَاثِلَةً لَهُ، فَلَيْسَتْ صِفَةُ النَّبِيِّ نَبِيًّا، وَلَا صِفَةُ الْإِنْسَانِ إِنْسَانًا، فَكَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ صِفَةُ الْإِلَهِ إِلَهًا بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ مُخْتَصٌّ بِمَا لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ مُطْلَقًا، وَعَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كُفْءٌ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمَعْرِفَةُ هَذَا مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ، فَإِنَّ نُفَاةَ الصِّفَاتِ أَدْخَلُوا ذَلِكَ فِي مُسَمَّى التَّوْحِيدِ، وَجَعَلُوا هَذَا مِنْ مُسَمَّى التَّوْحِيدِ، فَلَبَّسُوا بِذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، إِذْ كَانَ مُسَمَّى التَّوْحِيدِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَإِذَا ظَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقَائِقَ الْأُمُورِ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ النَّفْيِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّعْطِيلِ هُوَ مِنَ التَّوْحِيدِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الرَّسُولَ، انْقَلَبَ دِينُ الْإِسْلَامِ فِي نَفْسِهِ، فَجَعَلَ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي التَّعْطِيلِ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ بِهِ فِرْعَوْنَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْكَافِرِينَ هُوَ مِنَ التَّوْحِيدِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الْمُرْسَلِينَ.
وَلِهَذَا كَانَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ يُصَنِّفُونَ الْكُتُبَ فِي التَّوْحِيدِ، يَذْكُرُونَ إِثْبَاتَ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مُنَاقَضَةً لِهَؤُلَاءِ النُّفَاةِ، فَإِنَّ مَنْفِيَّ الصِّفَاتِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَعْدُومًا، فَإِنَّ إِثْبَاتَ ذَاتٍ بِلَا صِفَاتٍ أَوْ وُجُودٍ مُطْلَقٍ لَا يَتَعَيَّنُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَمَنْ لَمْ يُثْبِتْ لِلَّهِ الصِّفَاتِ لَمْ يُحَقِّقْ عِبَادَتَهُ لَهُ، فَلِهَذَا وَغَيْرِهِ كَانَ الشِّرْكُ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ وَاقِعًا فِي نُفَاةِ الصِّفَاتِ.
(تَنْبِيهٌ): ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْكَلَامِ أَدِلَّةً عَقْلِيَّةً عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعِلْمِ لِلَّهِ - تَعَالَى - مِنْهَا: إِيجَادُهُ ﷾ الْأَشْيَاءَ لِاسْتِحَالَةِ إِيجَادِهِ الْأَشْيَاءَ مَعَ الْجَهْلِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا الدَّلِيلُ مَشْهُورٌ عِنْدَ نُظَّارِ الْمُسْلِمِينَ أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَالْقُرْآنُ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]، قَالَ: وَالْفَلَاسِفَةُ أَيْضًا سَلَكُوهُ، وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا): أَنَّ إِيجَادَهُ الْأَشْيَاءَ هُوَ بِإِرَادَتِهِ، وَالْإِرَادَةُ تَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرَ الْمُرَادِ وَهُوَ الْعِلْمُ، فَكَانَ الْإِيجَادُ مُسْتَلْزِمًا لِلْإِرَادَةِ، وَالْإِرَادَةُ مُسْتَلْزِمَةً لِلْعِلْمِ، فَالْإِيجَادُ
1 / 148