136

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Mai Buga Littafi

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

دمشق

وَمُنْتَهَاهُ، فَيُقَالُ: حَرْفُ الرَّغِيفِ وَحَرْفُ الْجَبَلِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ [الحج: ١١]، وَقَدْ يُرَادُ بِالْحُرُوفِ الْحُرُوفُ الْحَالِيَّةُ، وَهُوَ مَا يَتَشَكَّلُ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْكَلَامِ الْمُؤَلَّفِ الْمَنْظُومِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ، هَلْ يُمْكِنُ وُجُودُ حُرُوفٍ بِدُونِ أَصْوَاتٍ فِي الْحَيِّ النَّاطِقِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لَهُمْ، وَعَلَى هَذَا تَنَازَعَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْقَائِلَةُ بِقِدَمِ أَعْيَانِ الْحُرُوفِ، هَلْ تَكُونُ قَدِيمَةً بِدُونِ أَصْوَاتٍ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ أَصْوَاتٍ قَدِيمَةٍ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ؟ ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَصْوَاتِ الْمُعَيَّنَةِ تَنَازَعُوا فِي الْمَسْمُوعِ مِنَ الْقَارِئِ، هَلْ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ الْقَدِيمُ؟ فَقِيلَ: الْمَسْمُوعُ مِنْهُ هُوَ الصَّوْتُ الْقَدِيمُ، وَقِيلَ: بَلْ صَوْتَانِ: أَحَدُهُمَا الْقَدِيمُ، وَالْآخَرُ الْمُحْدَثُ، فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وُجُودِ الْقُرْآنِ فَهُوَ الْقَدِيمُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْمُحْدَثُ. وَقِيلَ: بَلِ الصَّوْتُ الْقَدِيمُ غَيْرُ الْمَسْمُوعِ مِنَ الْعَبْدِ. وَهَذَا كُلُّهُ كَلَامُ مَنْ لَا يُعَوَّلُ عَلَى كَلَامِهِ مِنَ الْفِرَقِ الْمَائِلَةِ. وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّ كَلَامَهُ - تَعَالَى - صِفَةُ فِعْلٍ، هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وَبَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ بَوْنٌ، الْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ إِنَّ التَّكْلِيمَ وَالنِّدَاءَ لَيْسَ إِلَّا مُجَرَّدَ خَلْقِ إِدْرَاكِ الْمَخْلُوقِ، بِحَيْثُ يَسْمَعُ مَا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، لَا أَنَّهُ يَكُونُ هُنَاكَ كَلَامٌ يَتَكَلَّمُ اللَّهُ بِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَا تَكْلِيمَ، بَلْ تَكْلِيمُهُ عِنْدَهُمْ جَعْلُ الْعَبْدِ سَامِعًا لِمَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ سَمْعِهِ بِمَنْزِلَةِ جَعْلِ الْأَعْمَى بَصِيرًا لِمَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ رُؤْيَتِهِ عَنْ غَيْرِ إِحْدَاثِ شَيْءٍ مُنْفَصِلٍ عَنِ الْأَعْمَى، فَعِنْدَهُمْ لَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِ رَبِّهِ سَمِعَ النِّدَاءَ الْقَدِيمَ لَا أَنَّهُ حِينَئِذْ نُودِيَ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ يُسْمِعُ كَلَامَهُ لِخَلْقِهِ بَدَلَ قَوْلِ النَّاسِ إِنَّهُ يُكَلِّمُ خَلْقَهُ. وَأَمَّا الْآخَرُونَ وَهُمُ الْخَلْقِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، خَلَقَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي جِسْمٍ مِنَ الْأَجْسَامِ الْمَخْلُوقَةِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيِّينَ الَّذِينَ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالنَّجَّارِيَّةِ وَالضِّرَارِيَّةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى: ﴿مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١١٤] مُبْطِلٌ لِهَذَا وَلِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ لَيْسَ مُنَزَّلًا مِنَ اللَّهِ، بَلْ مَخْلُوقٌ، إِمَّا فِي جِبْرِيلَ أَوْ مُحَمَّدٍ أَوِ الْهَوَاءِ، أَوْ أُلْهِمَهُ جِبْرِيلُ أَوْ مُحَمَّدٌ أَوِ الْهَوَاءُ، أَوْ أُلْهِمَهُ جِبْرِيلُ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ، أَوْ يَكُونُ أَخَذَهُ جِبْرِيلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ غَيْرِهِ، فَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ

1 / 136