المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين، محمد ﷺ، وعلى آله وصحبه والتابعين.
وبعد؛ فهذا كتاب "لطائف المعارف" لابن رجب الحنبلي أقدمه اليوم، باذلًا فيه جهد الطاقة، ولم أضن عليه بوقت أو جهد، راجيًا أن يكون صفحة مشرقة من تراثنا العربي، ودعوة صادقة - كما أرادها المؤلف - نحو الهداية والرشاد والطريق السوي.
والكتاب فريد في بابه، تحدث فيه المؤلف - وهو الفقيه المحدّث الواعظ - عن وظائف الأشهر والأيام من الطاعات والعبادات، التي يتقرب بها العبد إلى ربِّه ﷿، ولله فيها لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته.
وقد بدأ - بعد الخطبة - بذكر مجلس في فضل التذكير بالله تعالى ومجالس الوعظ. ثم تحدث عن وظائف شهر الله المحرم فجعله في مجالس: مجلس في فضله وعشره الأول، وفضل قيام الليل، وفي يوم عاشوراء. ثم عقد فصلًا في قدوم الحاج، وفي استلام الحجر الأسود، واستقبال الحاج. وانتقل إلى الحديث عن وظيفة شهر صفر، فتكلم على التوكل، وعلى النهي عن الطيرة. وتلا ذلك حديثه عن وظائف شهر ربيع الأول، فجعل المجلسين الأول والثاني في ذكر مولد الرسول ﷺ، وختمه بمجلس في وفاته ﵇.
وفي الحديث عن وظيفة شهر رجب أفاض المؤلف في ذكر الأشهر الحرم وما يتعلق بها وبحرمتها. وجعل وظائف شهر شعبان في ثلاثة مجالس: الأول في صيامه، والثاني في نصف شعبان، والثالث في صيام آخر شعبان.
وتحدث مفصلًا عن وظائف شهر رمضان، فجعلها في ستة مجالس: في فضل
1 / 5
الصيام، وفي فضل الجود في رمضان وتلاوة القرآن، وفي ذكر العشر الأوسط منه وذكر نصفه الأخير، وفي ذكر العشر الأواخر، والسبع الأواخر، ثم في وداع رمضان.
وقسّم وظائف شوال إلى ثلاثة مجالس: الأول في صيام شوال كله واتباع رمضان بصيام ستة أيام من شوال. والثاني في ذكر الحج وفضله. والثالث فيما يقوم مقام الحج والعمرة عند العجز عنهما.
وتحدث في ذي القعدة عمن يواصل الصوم، وعن فضل الاعتدال في العبادة، وأنه من أشهر الحج، وأحد الأشهر الحرم.
وطوّل الكلام عن وظائف شهر ذي الحجة، وقد اشتمل على أربعة مجالس: مجلس في فضل عشر ذي الحجة، وفي يوم عرفة مع عيد النحر، وفي أيام التشريق، ومجلس رابع في ختام العام.
وعقد فصلًا خاصًّا بيّن فيه وظائف فصول السنة الشمسية، وجعله في ثلاثة مجالس: الأول في ذكر فصل الربيع، والثاني في ذكر فصل الصيف، والثالث في ذكر فصل الشتاء.
وختم الكتاب بمجلس في ذكر التوبة والحث عليها قبل الموت، وهي وظيفة العمر كله، وخاتمة مجالس الكتاب.
وقد ترك الحديث عن ثلاثة أشهر، هي: ربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، لخلوها من وظائف الطاعات.
سلك ابن رجب في كتابه أسلوب الخطباء الوعّاظ تارة، وأسلوب الفقهاء والمحدثين تارة أخرى، بعبارة مسجوعة أو مطلقة، يحدوه الصدق والإخلاص، وحضور الشواهد والنصوص.
وهو واحد من أولئك العلماء الذين حملوا راية الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع علم ودراية في الفقه والحديث والرجال والأدب.
* * *
ولا يفوتني - وأنا أقدّم للكتاب - التنويه بفضل الأخ الكريم فضيلة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط وولده محمود، لما كان لهما من سابقة في العمل، فقد كان المأمول أن
1 / 6
يشاركا بتحقيق الكتاب، لا سيما أننا أخرجنا - معًا - جزءًا صغيرًا منه بعنوان (مجالس في سيرة الرسول" ﷺ، يتحدث عن وظائف شهر ربيع الأول، غير أن مشاغلهما حالت دون المضي في تحقيق الكتاب، الأمر الذي حدا بدار ابن كثير - التي كانت قد أعلنت عن نشر الكتاب لمرات عديدة خلال أعوام - أن تلح على في تحقيقه وإخراجه للناس.
فجزى الله الجميع خير جزاء، وألهمنا الرشد في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.
كتبه:
ياسين محمّد السّوّاس
دمشق في ٢٧/ شعبان/ ١٤١١ هـ
١٣/ آذار/ ١٩٩١ م
1 / 7
المؤلف (^١) ٧٣٦ - ٧٩٥ هـ
هو عبد الرّحمن بن أحمد بن عبد الرحمن رَجَب بن الحسن بن محمد بن مسعود، السَّلامي، البغداديّ، الدمشقي، الحنبلي، زين الدين، أبو الفرج، المشهور بابن رجب الحنبلي، الإمام، الحافظ، المقرئ، المحدِّث، الحجة، الفقيه، الزاهد.
ولد في بغداد سنة ست وثلاثين وسبعمائة، في أسرة مشهورة بالعلم والصَّلاح.
فجدّه: أبو أحمد رَجَب بن الحسن بن محمد، اسمه عبد الرحمن، وقيل له: رجب؛ لأنه ولد في شهر رجب، ونُسب إليه المؤلف ﵀. سمع "ثلاثيات البخاري" وحدَّث بها، وسمع من المعيد ابن المجلح، وابن غزال وغيرهما؛ وكان فقيهًا، عالمًا، قرئ عليه غير مرة في بغداد والمؤلف حاضر وكان في الثالثة والرابعة والخامسة من عمره؛ توفي سنة ٧٤٢ هـ (^٢).
وأما أبوه: فهو أحمد بن رَجَب عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن مسعود، أبو العباس، السَّلاميّ، البغداديّ، الحنبليّ، نزيل دمشق. ولد في بغداد ونشأ بها، وقرأ بالروايات، وسمع من مشايخها، وطلب الحديث، وخرَّج لنفسه معجمًا مفيدًا؛ ذكر ابن حجر أنه رآه. ورحل إلى دمشق مع أولاده، فأسمعهم بها وبالحجاز والقدس.
_________
(^١) ترجمته في: "الدرر الكامنة" ٢/ ٣٢١، و"إنباء الغمر" ٣/ ١٧٥، و"الدليل الشافي" ١/ ٣٩٨، و"المقصد الأرشد" ٧٨ ترجمة رقم (٥٦٨)، و"تاريخ ابن قاضي شهبة" ١/ ٣/ ٤٨٨، و"الرد الوافر" ١٠٦، و"بديعية البيان" وشرحها المسمى "التبيان" ١٥٩، و"طبقات الحفاظ" ٥٣٦، و"الجوهر المنضد" ترجمة رقم (٥٧) ص ٤٦، و"المنهج الأحمد" (مخطوط) ص ٤٧٠، و"مختصره" ١٦٩، و"الدارس" ٢/ ٧٦، و"البدر الطالع" ١/ ٣٢٨، و"لحظ الألحاظ" ١٨٠، و"ذيل التذكرة" للسيوطي ٣٦٧، و"شذرات الذهب" ٦/ ٣٣٩، و"السحب الوابلة" لابن حميد المكي ١١٦، و"الأعلام" للزركلي ٣/ ٢٩٥، و"معجم المؤلفين" لكحالة ٥/ ١١٨.
(^٢) الدرر الكامنة ٢/ ١٠٧.
1 / 9
وجلس للإقراء بدمشق، وانتُفع به، وكان ذا خيرٍ ودينٍ وعفاف. مات سنة ٧٧٤ أو التي قبلها (^١).
وذكر العليمي في طبقاته (^٢) أن ابن رجب قدم مع والده من بغداد إلى دمشق وهو صغير (^٣) سنة ٧٤٤ هـ، فاشتغل بسماع الحديث باعتناء والده، وسمع معه من محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز (^٤)، وإبراهيم بن داود العطار (^٥).
وسافر به أبوه إلى مصر، فسمع من صدر الدين أبي الفتح الميدومي (^٦)، وأبي الحرم محمد بن القلانسي (^٧)، ومن جماعة من أصحاب ابن البخاري، ومن خلق من رواة الآثار والأخبار.
وسافر به أبوه أيضًا إلى مكة، فسمع بها من الفخر عثمان بن يوسف (^٨).
_________
(^١) الدرر الكامنة ١/ ١٤٠ وإنباء الغمر ١/ ١٧٥ وشذرات الذهب ٦/ ٢٣٠.
(^٢) ٢/ ٤٧٠ (مخطوط). وانظر شذرات الذهب ٦/ ٣٣٩.
(^٣) وهذا يرجح أن ولادته كانت سنة ٧٣٦ هـ، لا كما ورد في "الدرر الكامنة" أنه ولد سنة ٧٠٦ هـ، فلعله سهو من الناسخ. ويؤكده أن ابن حجر نفسه أرخ ولادته في "إنباء الغمر" كتابة سنة ٧٣٦ هـ.
(^٤) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الدمشقي الأنصاري العبادي، الحنبلي، أبو عبد الله، من ولد عبادة بن الصامت، المعروف بابن الخباز. مسند دمشق في عصره، تفرد برواية مسلم بالسماع المتصل، أكثر عنه العراقي، وسمع منه المزي والذهبي والسبكي وابن رجب وغيرهم. وكان صدوقًا مأمونًا محبًّا للحديث وأهله، مات في رمضان سنة ٧٥٦ هـ، عن سبع وثمانين سنة. (الدرر الكامنة ٣/ ٣٨٤ وشذرات الذهب ٦/ ١٨١).
(^٥) ليس لإبراهيم هذا ترجمة معروفة، وفي الدرر الكامنة (٢/ ٩٥) ترجمة لداود بن إبراهيم بن داود بن يوسف بن سليمان بن العطار، أخي الشيح علاء الدين الدمشقي، ولد سنة ٦٦٥ هـ، وأجاز له ابن عبد الدائم والنجيب والنووي وابن مالك وغيرهم. حدث بالكثير، وخطه حسن، وكتب الكثير، روى عنه الذهبي والعلائي وابن رافع والحسيني. سمع الكثير، وكان فيه تعبد وخير. وهو شيخ فاضل حسن. توفي سنة ٧٥٢ هـ. ولعله الشيخ المقصود.
(^٦) هو محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، صدر الدين، أبو الفتح، حدث بالكثير في القاهرة ومصر، ورحل إلى القدس زائرًا، بعد الخمسين، فأكثروا عنه. وهو أعلى شيخ عند العراقي من المصريين، ولقد أكثر عنه. مات سنة ٧٥٤ هـ. (الدرر الكامنة ٤/ ١٥٧).
(^٧) هو محمد بن محمد بن أبي الحرم بن أبي طالب، أبو الحرم بن أبي الفتح القلانسي الحنبلى. كان خيرًا دينًا متواضعًا، حدث بالكثير، فسمع منه المقرئ ابن رجب، وذكره في مشيخته وقال: فيه صبر وتودد على التحدث، سمعت عليه بالقاهرة أجزاء من السباعيات والثمانيات، حدث بالكثير، وصار مسند الديار المصرية في زمانه. توفي سنة ٧٦٥ هـ. (الدرر الكامنة ٤/ ٢٣٥ وشذرات الذهب ٦/ ٢٠٦).
(^٨) هو عثمان بن يوسف بن أبي بكر النويري المالكي، الفقيه، المحدث، فخر الدين، أحد العلماء الصالحين الزاهدين في الدنيا، والتاركين للمناصب. مات سنة ٧٥٧ أو ٧٥٦ هـ. (الدرر الكامنة ٢/ ٤٥٣).
1 / 10
كما كان رفيق الشيخ الحافظ زين الدين العراقي (^١) في السماع كثيرًا، وهو شيخ ابن حجر العسقلاني. ولازم مجالس الإمام ابن قيم الجَوْزية (^٢) إلى أن مات ابن القيم ﵀. وأجازه ابن النقيب (^٣) والنووي (^٤)، وهو غير أبي زكريا النووي المتوفى سنة ٦٧٦ هـ.
مكانته:
خرَّج ابن رجب لنفسه مشيخة مفيدة. وقال عنه ابن حِجّي: أتقن الفن - أي فن الحديث - وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبع الطرق، وتخرّج به غالب أصحابنا الحنابلة بدمشق (^٥).
وقال فيه ابن حجر: أخذ عن مشاهير عصره، واستفاد منهم، ودرس الحديث والفقه حتى برع، وقد مهر في فنون الحديث: أسماءً، ورجالًا، وعللًا، وطرقًا، واطلاعًا على معانيه.
ووصفه العليمي بالشيخ الإمام، العالم العامل، العلّامة، الزاهد، القدوة، البركة، الحافظ، العمدة، الثقة، الجة، زين الملة والشريعة والدنيا والدين، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام، واعظ المسلمين، مفيد المحدثين، جمال المصنفين (^٦).
_________
(^١) هو عبد الرحيم بن الحسين، زين الدين، المعروف بالحافظ العراقي، من كبار حفاظ الحديث، أصله من الكرد، تحوَّل صغيرًا مع أبيه إلى مصر، فتعلَّم ونبغ فيها، وقام برحلة إلى الحجاز والشام وفلسطين، وعاد إلى مصر، فتوفي في القاهرة سنة ٨٠٦ هـ. خئف عددًا كبيرًا من المصنفات. (الضوء اللامع ٤/ ١٧١ وذيل تذكرة الحفاظ ٢٢٠).
(^٢) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرْعي الدمشقي، أبو عبد الله، شمس الدين، ابن قيم الجوزية، الحنبلي، من أركان الإصلاح الإسلامي، وأحد كبار العلماء، مولده ووفاته بدمشق، تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى لا يكاد يخرج عن شيء من أقواله، وهو الذي هذَّب كتبه ونشر علمه، وسجن معه في قلعة دمشق، وأهين وعذب بشبه، وألف تصانيف كثيرة، توفي سنة ٧٥١ هـ. (الدرر الكامنة ٣/ ٤٠٠ والأعلام ٦/ ٥٦).
(^٣) هو أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله الرومي، أبو العباس، شهاب الدين، المعروف بابن النقيب، فقيه شافعي مصري، مولده ووفاته بالقاهرة، توفي سنة ٧٦٩ هـ.
(^٤) هو - على الأغلب - علاء الدين أحمد بن عبد المؤمن الشافعي، قال ابن قاضي شهبة: الشيخ الإمام السبكي ثم النووي، نسبة إلى نوى، من أعمال القليوبية، وكان خطيبًا بها. تفقّه على الشيخ عز الدين النسائي وغيره، وكتب شرحًا على "التنبيه" في أربع مجلدات. وصنف كتابًا آخر في ترجيحات مخالفة لما رجحه الرافعي والنووي. قال الزين العراقي عنه: كان رجلًا صالحًا، صاحب أحوال ومكاشفات، شاهدت ذلك منه غير مرة، وكان سليم الصدر ناصحًا للخلق، قانعًا باليسير، باذلًا للفضل، بل لقوت يومه مع حاجته إليه. مات سنة ٧٤٩ هـ. (شذرات الذهب ٦/ ١٥٨).
(^٥) إنباء الغمر ١/ ٤٦١ وشذرات الذهب ٦/ ٣٣٩.
(^٦) المنهج الأحمد للعليمي (مخطوط) ص ٤٧١.
1 / 11
عُرف ابن رجب بالفضل والورع، والميل إلى العزلة، والتفرغ للعلم والتصنيف، فقد كان لا يعرف شيئًا من أمور الناس، ولا يتردد إلى أحدٍ من ذوي الولايات، وكان يسكن بالمدرسة السكرية بالقصّاعين (^١).
وكان أحد الأئمة الحفّاظ الكبار، والعلماء الزهّاد الأخيار، وكانت مجالسه تذكرة للقلوب صادعة، وللناس عامة مباركة نافعة. اجتمعت الفرق عليه، ومالت القلوب بالمحبة إليه (^٢).
وكان صاحب عبادة وتهجد، ذكر ابن حجر أنه كان يفتي بمقالات ابن تيمية، وأنّ الناس نقموا عليه ذلك، فأظهر الرجوع عن خطته، فنافره التيميّون، فهجر هؤلاء وهؤلاء. وكان قد ترك الإفتاء بآخرة (^٣).
ترجم له ابن عبد الهادي (^٤) فأجمل كثيرًا من أخباره وفضائله، فقال: هو الشيخ الإمام، أوحد الأنام، قدوة الحفاظ، جامع الشتات والفضائل، الفقيه الزاهد البارع الأصولي المفيد المحدّث. قال القاضي علاء الدين بن اللحام - فيما وجدته بخطه: سيدنا وشيخنا الإمام العالم العلّامة الأوحد الحافظ شيخ الإسلام، مجلّي المشكلات، وموضح المبهمات، أبو الفرج عبد الرحمن زين الدين بن رجب. ورأيت بخطه في موضع آخر يقول: شيخنا الإمام العالم الحافظ بقية السلف الكرام، وحيد عصره، وفريد دهره.
وقال ابن قاضي شهبة (^٥): الشيخ الإمام العلّامة، الحافظ، الزاهد، الورع، شيخ الحنابلة وفاضلهم، أوحد المحدثين.
وليَ حلقة الثلاثاء بعد وفاة ابن قاضي الجبل في سنة ٧٧١، ودرَّس بالحنبلية بعد وفاة القاضي ابن التقي، ثم أخذ منه.
وبالجملة فقد أجمع من ترجموا له على فضله وعلمه وورعه وزهده، وإمامته في الفقه والحديث والمواعظ. أحبه الناس، ومالت إليه قلوبهم، وصدعت لدروسه أفئدتهم. وسنكشف بعض ما كان عليه من علم حين الحديث عن كتبه إن شاء الله.
_________
(^١) المنهج الأحمد (مخطوط) ٢/ ٤٧٢ وشذرات الذهب ٦/ ٣٣٩.
(^٢) المنهج الأحمد ٢/ ٤٧٢.
(^٣) إنباء الغمر ٣/ ١٧٦.
(^٤) الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد، لابن عبد الهادي الترجمة (٥٧) ص ٤٦ - ٥٣.
(^٥) تاريخ ابن قاضي شهبة ١/ ٣/ ٤٨٨.
1 / 12
وفاته:
توفي ابن رجب سنة ٧٩٥ هـ رابع شهر رمضان، وقيل في رجب، بأرض الخميرية ببستان كان استأجره، وصلي عليه من الغد، ودفن بالباب الصغير جوار قبر الشيخ الفقيه الزاهد أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي، ثم المقدسي، الدمشقي، المتوفى سنة ٤٨٦ هـ، وهو ناشر مذهب الإمام أحمد بن حنبل ببيت المقدس ثم بدمشق.
وفي قصة وفاته ما يدل على زهده وانتظاره الموت، قال ابن ناصر الدين الدمشقي (^١): لقد حدثني من حفر لحد ابن رجب أنّ الشيخ زين الدين بن رجب جاءه قبل أن يموت بأيام، قال: فقال لي: احفر لي هنا لحدًا، وأشار إلى البقعة التي دفن فيها، قال: فحفرت له، فلما فرغ نزل في القبر، واضطجع فيه فأعجبه، وقال: هذا جيد، ثم خرج.
قال: فوالله ما شعرت به بعد أيام إلا وقد أتي به ميتًا محمولًا في نعشه، فوضعته في ذلك اللحد وواريته فيه.
مؤلفاته:
كان لابن رجب مشاركة قوية في عدد من الفنون، وفي مقدمتها: الفقه والحديث والتاريخ والمواعظ، وترك لنا مؤلفات عديدة تشهد على تقدمه وإمامته، وقد سلم أكثرها من الضياع، وطبع عدد كبير منها واشتهر بين الناس، ولعل ذلك يدل على إخلاصه للعلم ﵀. وسأذكر ما وصل إليَّ علمه منها مرتبة حسب الحروف.
١ - أحكام الخواتيم وما يتعلق بها. منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقم (٢٣٧٩٤ ب)، وفي برلين رقم (٩٦٩٠). وقد طبع في بيروت وأعيد طبعه سنة ١٩٨٧ بتحقيق عبد الله القاضي.
٢ - اختيار الأبرار. مخطوطة في برلين رقم (١٦٩٠).
٣ - اختيار الأوْلى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى. طبع في مصر سنة ١٣٥٣ هـ وفي بيروت بتحقيق حسين الجمل سنة ١٩٨٧ م. وطبع في الكويت بتحقيق جاسم الفهيد الدوسري.
_________
(^١) الرد الوافر ص ١٠٧.
1 / 13
٤ - إزالة الشنعة عن الصلاة بعد النداء يوم الجمعة. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
٥ - الاستخراج لأحكام الخراج. منه مخطوطة في باريس رقم (٢٤٥٤). طبع في مصر سنة ١٩٣٤ م، وفي بيروت بتحقيق عبد الله الصديق سنة ١٩٨٢ وبتحقيق محمد بن إبراهيم الناصر سنة ١٩٨٤. والكتاب في الفقه الحنبلي.
٦ - الاستغناء بالقرآن. ذكره ابن رجب في كتابه "الخشوع في الصلاة"، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" ١/ ٧٩، وفي هدية العارفين ١/ ٥٢٧ - ٥٢٨.
٧ - استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس. ذكره محقق "نور الاقتباس" وذكر أنه مطبوع.
ذكره ابن حميد المكي. وذكرت أمينة الجابر في كتابها "ابن رجب الحنبلي وآثاره الفقهية" أنه طبع في مصر سنة ١٣٦٣ هـ بمطبعة الإمام.
٨ - الاستيطان فيما يعتصم به العبد من الشيطان.
ذكره ابن حميد المكي.
٩ - إعراب أم الكتاب، مجلد. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
١٠ - إعراب البسملة. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
١١ - الإلمام في فضائل بيت الله الحرام. ذكره صاحب هدية العارفين ١/ ٥٢٧.
١٢ - أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور. منه نسخة خطية في برلين رقم (٢٦٦١)، وفي الاسكندرية مواعظ (٦). طبع في مكة المكرمة، وفي بيروت بتحقيق محمد زغلول سنة ١٩٥٥ م وبتحقيق عبد اللطيف السبع سنة ١٩٩٠ م.
١٣ - الإيضاح والبيان في طلاق كلام الغضبان. ذكره ابن عبد الهادي في (الجوهر المنضد".
١٤ - البشارة العظمى في أن حظ المؤمن من النار الحمى. منه نسخة خطية في تركيا رقم (٥٣١٨) مجاميع، وفي جامعة الرياض بالسعودية رقم ٥٢٧/ ٨٦ مجاميع، وتقع في (٨) ورقات من القطع الصغير.
١٥ - تحرير الفوائد وتقرير القواعد، بعضه بخط المؤلف. مخطوطة في مركز البحث العلمي في جامعة أم القرى، وفي بانكبور رقم ١٨٨١.
١٦ - التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار. طبع أول مرة سنة ١٣٥٧ هـ بمطبعة أم القرى بمكة، ثم طبع سنة ١٣٧٨ بمطبعة الإمام بمصر. وطبع أيضًا
1 / 14
عدة طبعات غير محققة في بيروت ودمشق. منه مخطوطة في برلين ٢٦٩٧، وفي الزيتونة ٣/ ٢٤٣ (١٧١١).
١٧ - تسلية نفوس النساء والرجال عند فقد الأطفال. منه نسخة مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
١٨ - تفسير سورة الإخلاص. منه نسخة مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع، وفي مكتبة الرياض بالسعودية رقم ٥٢٧/ ٨٦ مجاميع. وتقع في ١٢ ورقة من القطع الكبير.
١٩ - تفسير سورة الفاتحة. طبعت في الدار السلفية بالكويت سنة ١٤٠٧ هـ.
٢٠ - تفسير سورة النصر. طبع في لاهور بالهند، وفي بيروت (دار البشائر الإسلامية) بتحقيق حسن ضياء الدين عتر، سنة ١٩٨٦ م.
٢١ - التوحيد. منه مخطوطة في غوطا برقم (٧٠٢).
٢٢ - جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم. وهو المعروف بشرح الأربعين النووية. منه عدة نسخ خطية، أهمها نسخة كتبت في حياة المؤلف وعليها خطه سنة ٧٩٠ هـ بعد أن قرئت عليه بدار الحديث السكرية بالقصاعين بدمشق. وطبع الكتاب في الهند بلا تاريخ، وعنها طبع في مصر سنة ١٣٤٦ هـ بمطبعة مصطفى البابي الحلبي. وتوالت طبعاته، وأكثرها بغير تحقيق، وقد قام محمد الأحمدي أبو النور بتحقيق الكتاب وصدر الجزء الأول منه سنة ١٩٦٩ م، ثم تلاه الثاني فالثالث، ولعله الآن قد اكتمل.
٢٣ - الحكم الجديرة بالإذاعة: من قول النبي ﷺ: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة". طبع في مصر سنة ١٣٤٩ هـ، وفي بيروت سنة ١٩٨٨ م.
٢٤ - الخشوع في الصلاة (أو الذل والانكسار). طبع في مصر سنة ١٣٤١ هـ. وفي بيروت سنة ١٩٨٣ م، وفي عمان سنة ١٩٨٦ م.
٢٥ - ذم الخمر وشاربها، جزء. ذكره ابن حميد المكي. ومنه نسخة مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
٢٦ - ذم قسوة القلب. منه نسخة مخطوطة بتركيا برقم (٥٤٣)، وتقع في ٤ ورقات.
٢٧ - ذم المال والجاه، جزء. ذكره ابن حميد المكي. وقد طبع في المطبعة المنيرية بمصر سنة ١٣٨٦ هـ. ويقال: إنه شرح حديث "ما ذئبان جائعان … ".
٢٨ - الذيل على طبقات الحنابلة. نشر الجزء الأول منه بتحقيق هنري لاووست
1 / 15
وسامي الدهان في دمشق - المعهد الفرنسي - سنة ١٩٥١. وطبع تامًّا في جزأين بعناية أحمد حامد الفقي بمصر سنة ١٩٥٢ م. كما طبع في جزأين أيضًا بدار المعرفة ببيروت.
٢٩ - الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
٣٠ - رسالة في تعليق الطلاق بالولادة. مخطوطة في تركيا برقم (٥٤٣) مجاميع.
٣١ - رسالة في فتوى هلال ذي الحجة. مخطوطة في السعودية برقم ٨٦/ ٥٢٧.
٣٢ - رسالة في معنى العلم. مخطوطة في ليبسيك رقم (٤٦٢).
٣٣ - رياض الأنس. ذكر في هدية العارفين ١/ ٥٢٧.
٣٤ - سيرة عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز. طبعت في الرياض سنة ١٣٧٨ هـ، كما أشارت إلى ذلك أمينة الجابر في كتابها "ابن رجب الحنبلي".
٣٥ - شرح جامع الترمذي. ذكر في كشف الظنون ص ٥٥٩ وهدية العارفين ١/ ٥٢٧، الموجود منه فقط مخطوطة في المكتبة الظاهرية تتعلق بالعلل الصغير. وقال ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد": شرح الترمذي في نحو عشرين مجلدًا.
٣٦ - شرح حديث أبي الدرداء: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا". منه مخطوطة في السعودية برقم ١٦٣٧/ ٥ وتقع في (٣٠) ورقة من القطع الكبير. وقد طبع بمكة المكرمة سنة ١٣٩٧ هـ. وطبع في القاهرة تحت عنوان: "ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء …، بتحقيق أشرف بن عبد المقصود، سنة ١٩٨٧.
٣٧ - شرح حديث: "إذا كنز الناس الذهب والفضة". منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع. وغوطا ٦٣٩.
٣٨ - شرح حديث: "إن أغبط أوليائي عندي". منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
٣٩ - شرح حديث زيد بن ثابت في الدعاء: "لبيك اللهم لبيك". منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع، وفي مكتبة الرياض بالسعودية رقم ٥٦/ ٥٢٧.
٤٠ - شرح حديث: "ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيمًا". منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
٤١ - شرح حديث عمار بن ياسر: "الله يعلمك الغيب". رواية أحمد والنسائي. منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع، وفي مكتبة الرياض بالسعودية رقم
1 / 16
٥٢٧/ ٥٦، وتقع في (٤٢) ورقة من القطع الصغير. وهو مطبوع على ما ذكره محقق كتاب "نور الاقتباس".
٤٢ - شرح حديث: "ما ذئبان جائعان". طبع في لاهور بالهند سنة ١٣٢٠، وفي القاهرة سنة ١٣٤٦ هـ.
٤٣ - شرح حديث: "يتبع الميت ثلاث". منه مخطوطة بتركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
٤٤ - شرح علل الترمذي، وهو ما تبقى من شرح جامع الترمذي للمؤلف. طبع في بغداد بتحقيق صبحي السامرائي سنة ١٣٩٦ هـ، وأعيد طبعه سنة ١٤٠٥ هـ ببيروت. كما طبع في دار الملاح بدمشق بتحقيق الدكتور نور الدين عتر سنة ١٩٧٨ م.
٤٥ - شرح المحرر. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
٤٦ - شرح مولدات ابن الحداد، في الفروع. ذكرته أمينة الجابر في كتابها "ابن رجب الحنبلي".
٤٧ - صدقة السر وبيان فضلها. منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
٤٨ - صفة النار وصفة الجنة. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
٤٩ - العلم النافع، جزء. مخطوطة في ليبسيك رقم (٤٦٢). ويسمى "العلم النافع"، ولعله المطبوع باسم: فضل علم السلف على الخلف.
٥٠ - غاية النفع بشرح حديث "تمثيل المؤمن بخامة الزرع" (^١). مطبوع في مكة المكرمة بتحقيق محمد ماجد الكردي سنة ١٣٤٧ هـ.
٥١ - فتح الباري شرح صحيح البخاري. قسم منه، وصل فيه إلى كتاب الجنائز، منه مخطوطة في دار الكتب الظاهرية بدمشق (الكواكب الدراري ٣٧٧) ورقة (٥٠ - ٢٥٠). ومنه قطعة في دار الكتب المصرية رقم (٩٤١٤) وتقع في (٤٠) ورقة من القطع الصغير. وقد ذكر الكتاب في كشف الظنون ص ٥٥٠ وهدية العارفين ١/ ٥٢٧. ومنه أخذ ابن حجر عنوان شرحه على البخاري.
٥٢ - الفرق بين النصيحة والتعيير. طبع بدمشق سنة ١٩٨٤ وبعمان سنة ١٩٨٦.
٥٣ - فضائل الشام. مخطوطة في الإسكندرية برقم (١٠٨) تاريخ.
_________
(^١) من حديث أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "مثل المؤمن كمثل خامة الزرع، من حيث أتتها الريح تُفيئها، فإذا اعتدلت تُلَقَّى بالبلاء، والفاجر كالأرَزَة صمَّاء معتدلة، حتى يقصمها الله إذا شاء". والخامات من النبات: الغضة الرَّطبة اللينة.
1 / 17
٥٤ - فضل علم السلف على الخلف. طبع في مصر سنة ١٣٤٧ و١٣٥١ هـ، وأعيد طبعه في القاهرة سنة ١٩٨٠. وطبع في بيروت بتحقيق يحيى مختار غزاوي سنة ١٩٨٣.
٥٥ - قاعدة غمّ هلال ذي الحجة. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
٥٦ - القواعد الفقهية (أو القواعد الكبرى، في الفروع). وهو كتاب جليل يدل على معرفة المؤلف المتينة بأصول المذهب الحنبلي وفروعه. وصفه ابن عبد الهادي بأنه كتاب نافع من عجائب الدهر. طبع في مصر سنة ١٣٤٣ و١٣٥٢ هـ و١٩٧٢ و١٩٨٠، وفي بيروت بدار المعرفة.
٥٧ - القول المعذاب في تزويج أمهات أولاد الغياب. ذكره ابن حميد المكي.
٥٨ - كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة، وهو شرح لحديث "بدأ الإسلام غريبًا". طبع بمصر في المطبعة المنيرية سنة ١٣٥١ هـ، وأعيد طبعه في القاهرة سنة ١٩٥٤ م بتحقيق أحمد الشرباصي، وسماه "غربة الإسلام". وطبع في القاهرة أيضًا سنة ١٩٨٧ م.
٥٩ - الكشف والبيان عن حقيقة النذور والأيمان. ذكره ابن حميد المكي.
٦٠ - كفاية أو حماية الشام بمن فيها من الأحلام. ذكره ابن حميد المكي.
٦١ - كلمة الإخلاص وتحقيق معناها. طبع في القاهرة سنة ١٣٥٢ هـ و١٩٥٠ م وفي دمشق سنة ١٩٦١، وبطنطا في مصر سنة ١٩٨٧.
٦٢ - لطائف المعارف. وهو كتابنا الذي نقدم له. طبع قديمًا في القاهرة سنة ١٩٢٤. وأخذ منه المكتب الإسلامي رسالة بعنوان: بغية الإنسان في وظائف شهر رمضان، طبعت سنة ١٩٧٨ م. وطبعت أيضًا بعنوان: وظائف شهر رمضان.
٦٣ - المحجة في سير الدلجة. وهو شرح حديث: "لن ينجي أحدًا منكم عمله". منه مخطوطة في مكتبة الرياض بالسعودية رقم (١٦٣٧) وتقع في (٢٦) صفحة من القطع الكبير. طبع في مكة المكرمة سنة ١٣٤٧ هـ، وفي بيروت بتحقيق يحيى مختار غزاوي سنة ١٩٨٤ و١٩٨٦ م.
٦٤ - مختصر سيرة عمر بن عبد العزيز. أشار محقق "نور الاقتباس" إلى أنه مطبوع.
٦٥ - مختصر فيما روي عن أهل المعرفة والحقائق في معاملة الظالم السارق. منه مخطوطة في تركيا برقم (٥٣١٨) مجاميع.
1 / 18
٦٦ - مسألة الصلاة يوم الجمعة بعد الزوال وقبل الصلاة، جزء. ذكره ابن حميد المكي.
٦٧ - مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة. نقله ابن عبد الهادي في كتابه "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث".
٦٨ - مكفرات الذنوب ودرجات الثواب ودعوات الخير. رسالة طبعت في القاهرة، مكتبة التراث، سنة ١٩٨٢.
٦٩ - منافع الإمام أحمد. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد".
٧٠ - مولدات في فضائل الشهور. هدية العارفين ١/ ٥٢٧. ذكره محقق كتاب "نور الاقتباس" وأنه مطبوع. ويشبه أن يكون كتابنا "لطائف المعارف".
٧١ - نزهة الأسماع في مسألة السماع. أو (الاستماع في مسألة السماع). منه نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية رقم (٢١٦١٣ ب)، وفي مكتبة الرياض السعودية ٦٨٦/ ٨٦.
٧٢ - نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي ﷺ لابن عباس. طبعت ناقصة في جدة سنة ١٩٧٩ بتحقيق الأخ عز الدين البدوي النجار، وأعيد طبعها تامة في بيروت سنة ١٩٨٩ بتحقيق محمد بن ناصر العجمي. كما طبعت في مصر تحت عنوان: "تحفة الأكياس بشرح وصية النبي ﷺ لابن عباس".
٧٣ - وقعة بدر، جزء. ذكره ابن حميد المكي.
هذا ما وصل إلينا علمه من مؤلفاته ﵀، ولعل مصنفات أخرى ما زالت غير معروفة لم نذكرها، يؤكد ذلك ما قاله ابن عبد الهادي في ترجمته للمؤلف بعد أن ذكر مجمل ما تركه من مؤلفات، قال: وله غير ذلك من الكتب النافعة المفيدة التي لم نر مثلها، وله تحقيق في المسائل على نصوص أحمد وكلام الأصحاب، وله مسائل كثيرة غريبة وأشياء حسنة يعجز الإِنسان عن حصرها.
* * *
1 / 19
الكتاب
اتفقت المصادر التي ترجمت للمؤلف على نسبة الكتاب إليه، غير أنها اختصرت عنوانه وأسمته "اللطائف"، وزاد ابن حجر عبارة "في وظائف الأيام"، وانفرد ابن عبد الهادي الذي حاول استقصاء مؤلفاته، فذكره مرتين؛ الأولى باسم "اللطائف" والثانية "لطائف المعارف".
وفي النسخ المخطوطة للكتاب ورد العنوان مختلفًا؛ ففي نسخة (ب): "لطائف المعارف"، وسقط في (ش)؛ لوجود خرم في أولها. وذكر تامًّا في النسختين (آ) و(ع)، ويوافق ذلك ما جاء في مقدمة المؤلف حيث قال: وسميته الطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف"، وهو ما اشتهر به بين الناس، وما اخترناه أيضًا.
تحدث المؤلف في الخطبة عن غايته من تأليفه، فبين أن الله تعالى علَّق أحكام اليوم من الصلاة بطلوع الفجر، وطلوع الشمس، وزوالها، وغروبها، ومصير ظلّ الشيء مثله، وغروب الشفق. وعلّق أحكام اليوم من الصيام بمدَّة النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وعلَّق بالحساب ما يحتاج إليه الناس من مصالح دينهم ودنياهم؛ كصيامهم، وفطرهم، وحجهم، وزكاتهم، ونذورهم وكفاراتهم، وعِدد نسائهم، ومُدد إيلائهم، ومدد إجاراتهم، وحلول آجال ديونهم، وغير ذلك مما يتوقَّت بالشهور والسنين.
وجعل الله في كل يوم وليلةٍ لعباده المؤمنين وظائف موظَّفة عليهم من وظائف طاعته؛ منها ما هو مفترض، كالصلوات الخمس. ومنها ما يندبون إليه من غير افتراض، كنوافل الصلاة والذِّكْر وغير ذلك.
كما أنَّ للشهور وظائف موظّفة أيضًا؛ منها ما هو مفروض: كالصيام، والزكاة، والحج. ومنها ما هو مندوب: كصيام شعبان، وشوال، والأشهر الحرم.
1 / 21
وجعل الله لبعض الشهور فضلًا على بعض، كما جعل بعض الأيام والليالي أفضل من بعض.
ورأى المؤلف أنه ما من هذه المواسم الفاضلة موسم إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعاته، يتقرَّب بها إليه؛ ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه.
والسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات.
ثم قال: "وقد استخرت الله تعالى في أن أجمع في هذا الكتاب وظائف شهور العام وما يختص بالشهور ومواسمها من الطاعات؛ كالصلاة، والصيام، والذكر، والشكر، وبذل الطعام، وإفشاء السلام وغير ذلك من خصال البررة الكرام؛ ليكون ذلك عونًا لنفسي ولإخواني على التزوّد للمعاد، والتأهب للموت قبل قدومه والاستعداد".
ولابن رجب هدف آخر من كتابه وهو أن يفيد منه من يريد أن ينتصب للتذكير والوعظ، وهي سمة بارزة للكتاب، قال: "وليكون أيضًا صالحًا لمن يريد الانتصاب للمواعظ من المذكرين، فإن من أفضل الأعمال عند الله، لمن أراد به وجه الله، إيقاظ الراقدين، وتنبيه الغافلين".
وقد جعل هذه الوظائف المتعلقة بالشهور، مجالس مجالسَ، مرتبة على ترتيب شهور السنة الهلالية، فبدأ بشهر المحرم، وختم بذي الحجّة، وذكر في كل شهر ما فيه من هذه الوظائف. وما لم يكن له وظيفة خاصة لم يذكر فيه شيئًا، فقد ترك ذكر ثلاثة أشهر، هي: ربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، فلم يتحدث عنها بشيء.
وختم ذلك كله بوظائف فصول السنة الشمسية، وهي ثلاثة مجالس: في ذكر الربيع، والشتاء، والصيف.
وكان قد بدأ كتابه بمجلسٍ في فضل التذكير بالله، ثم ختمه بمجلس في التوبة والمبادرة قبل انقضاء العمر؛ فإن التوبة وظيفة العمر كلّه.
1 / 22
وقد أكثر من الاستشهاد بالقرآن الكريم والحديث الشريف، ومن شعر الوعظ والرقائق، يعزو الحديث إلى مخرّجه، ويبين درجته من الصحة أو الضعف، وغالب ما يذكره من الصحيح، وإن لم يكن كذلك بين موطن ضعفه، وهو العالم الخبير بفنون الحديث وعلله. وقلما ينسب الأبيات إلى قائلها، ولعل بعضها من نظمه، وهي من الشعر المتوسط.
يعمد ابن رجب في كتبه، وفي مقدمتها كتابنا هذا وكتاب "جامع العلوم والحكم" إلى الأسلوب المسجع أحيانًا على عادة عصره، ويهجره حينًا ليتعلق بعبارة الفقهاء والمحدثين، يؤدي ذلك بنبرة خطابية متدفقة، نابعة من إخلاصه وصدقه ووفرة محفوظه، يخاطب فيه القلب والعقل.
ولعل خير ما نصفه به ما قاله الذهبي قديمًا في شيخه ابن تيمية: "ما رأيت أسرع انتزاعًا للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضارًا للمتون وعزوها منه، كان السنّة نصب عينيه، وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة وعين مفتوحة".
وكيف لا وهو واحد من تلك الدوحة الوارفة، التي حملت راية الإصلاح وجهرت به بكل إخلاص وصدق، فقد لازم ابن القيّم الجوزية وتأثر به وتتلمذ له حتى وفاته، وابن القيّم كان بدوره لصيقًا بشيخ الإسلام، يدعو دعوته، وينهج نهجه، ويحمل معه تبعات الإصلاح ومحاربة البدع، ويأتي ابن رجب ليتابع المسير بالروح نفسها وبالصدق والإخلاص اللذين عرفا عندهما، ﵏ جميعا.
النسخ المعتمدة في التحقيق:
اعتمدت في التحقيق على أربع نسخ خطية كتبت جميعًا - على الأغلب - بدمشق، في عهد قريب من المؤلف، إضافة إلى المطبوع الذي اعتبرته نسخة إضافية حسنة يعتمد عليها. وهذا وصفها:
١ - مخطوطة (آ):
نسخة محفوظة في دار الكتب الظاهرية في دمشق برقم (٣٢١٩)، وهي تامة، تقع في (٢٣١) ورقة من القطع الكبير، قياسها ٢٧×١٨ سم، وفي الصفحة (٢١) سطرًا، وفي السطر نحو (١٠) كلمات. كتبت بخط نسخ واضح، مع ضبط يسير بالشكل، والعناوين بالأحمر. وكتبت بضع صفحات منها على يد ناسخ آخر بخط مختلف أقل جودة، وكذا رممت الصفحة الأولى بخط آخر مختلف أيضًا.
1 / 23
كتب النسخة سليمان بن حسن بن سليمان العرابي بقرية يلدان من غوطة دمشق المحروسة سنة ٨٤٣ هـ، وأوقفها الوزير أسعد باشا محافظ الشام على مدرسة والده إسماعيل باشا. وهي أقدم النسخ جميعًا، مقروءة ومصححة، وفي مجملها جيدة.
٢ - مخطوطة (ب):
نسخة محفوظة أيضًا في دار الكتب الظاهرية برقم (٥٨٤٥)، وهي تامة، تقع في (١٩٧) ورقة من القطع الكبير، قياسها ٢٧× ١٨ سم، وفي الصفحة (٢٧) سطرا، وفي السطر نحو (١٠) كلمات. كتبت بخط نسخ معتاد مقروء أقل جودة من نسخة (آ)، مع ضبط يسير بالشكل، وكتبت رؤوس الفقر بالأحمر.
كتب النسخة عبد الوهاب بن محمد بن عمر المعروف بالفيومي سنة ٨٧٣ هـ. وهي جيدة، مقروءة ومصححة، عليها تعليقات في الحواشي بخط مختلف، مما يشير إلى تداولها.
وتتوافق هذه النسخة مع المطبوع، بخلاف باقي النسخ، مما سأبينه بعد قليل. وعلى الغلاف عدد من التملكات؛ منها تملك باسم أحمد بن علي العمري المقرئ الشافعي، وآخر باسم سليمان المدرس بمدرسة السليمية بدمشق المحمية، وباسم خليل بن عمر الشطي، وقد طمست تواريخ تملكها. وفي آخر النسخة ما يفيد أنها قرئت بالسند المتصل إلى المؤلف في مجالس، آخرها يوم الثلاثاء ٦ صفر الخير سنة ٨٧٤ هـ على الشيخ محيي الدين عثمان بن محمد الدتلي.
٣ - مخطوطة (ع):
نسخة دمشقية الأصل من المدرسة العمرية في صالحية دمشق، مصورة في جامعة الكويت، تقع في (٢٧٩) صفحة، قياسها ١٧×١٣ سم، وفي الصفحة (٢٣) سطرًا، وفي السطر نحو (١٣) كلمة. كتبت بخط نسخ دقيق مقروء، ورؤوس العبارات والفقر بالأحمر، وكتبت عناوين الموضوعات في الهامش بخط كبير جميل.
كتب النسخة إلياس بن خضر بن محمد لمالكه علاء الدين علي بن سليمان المرداوي، وذلك في سنة ٨٥٠ هـ بالمدرسة الموسومة بالشيخ أبي عمر.
والنسخة مقابلة ومصححة، قوبلت في البلد الحرام مكة المشرفة، كما ورد في الصفحة ٢١٣ والصفحة الأخيرة من المخطوط، وذلك في دار العباس عم النبي ﷺ،
1 / 24
في أيام آخرها خامس عشر جمادى الآخرة سنة ٨٥٧ هـ، وكتب علي بن سليمان الوداوي.
وعلى الغلاف عدد من التملكات ظهر منها تملك باسم محمد بن أحمد الطواقي سنة ١١٣٥، وعبد الحليم الشطي سنة ١٢٦٩، وعبد السلام الشطي سنة ١٢٩٠، وعبد الله بن زين الدين النصروي، وعيسى بن إبراهيم أبي غزال من بلاد نابلس.
وعليها تعليقات في الحاشية، مما يدل على تداولها وقراءتها. وهي نسخة جيدة قليلة الخطأ، إلا أن هناك عددًا من الألفاظ الساقطة أو العبارات المحرفة.
٤ - مخطوطة (ش):
هي نسخة تشستر بيتي بدبلن في إيرلندا، برقم (٤٨٨٦)، مصورة في جامعة الكويت، وتقع في (٣١٠) ورقات، قياسها ١٨× ١٤ سم، وفي الصفحة (١٧) سطرًا، وفي السطر نحو (١٠) كلمات. خرمت من أولها، وشمل الخرم مقدمة المؤلف وبضع أسطر من الكتاب. كتبت بخط نسخ مقرؤ وفرغ من نسخها في سابع عشر رمضان سنة ٩٠٥ هـ على يد محمد بن محمد الجماعيلي.
اضطرب ترتيب بعض الأوراق فتأخرت الورقة ١٧٢ إلى ما بعد الورقة ١٧٤، وأصابها بعض السقط، وتصرف الناسخ ببعض العبارات والألفاظ. وهي أقرب ما تكون شبهًا بنسخة (ع)، وهما تشبهان نسخة (آ) في كثير من الفروق والاختلافات.
٥ - المطبوع (ط):
طبع في مصر سنة ١٣٤٣ هـ بدار إحياء الكتب العربية، صححه محمد الزهري الغمراوي، معتمدًا على نسخة خطية مكتوبة سنة ٨٦٥ هـ، وهي مأخوذة عن نسخة بخط عبد الوهاب بن محمد بن عمر المعروف بالفيومي، وهو الناسخ نفسه الذي كتب نسخة ب، وقد عرفنا أنه كتبها سنة ٨٧٣ هـ، وهي نسخة دمشقية، وهذا يدعونا للشك بصحة تاريخ النسخة المعتمدة في المطبوع. ونلاحظ تشابهًا شبه تام بين المطبوع ونسخة (ب) مما يؤكد الصلة بينهما.
واعتمد مصححه على أكثر من نسخة خطية، يدل على ذلك ما سجل من فروق في الهامش. وفي المطبوع عدد من السقط، منه سقط يبدأ في السطر الرابع عشر من
1 / 25
الصفحة ٢٦٥ بمقدار صفحتين، وآخر يبدأ بعد السطر الأخير من الصفحة ٢٨٢ ويقدر بخمس صفحات.
عملي في الكتاب:
عوَّلت على المطبوع فعمدت إلى مقابلته بالنسخ الخطية الأربع، وأثبت في المتن ما رجحت صحته على غيره، سواء أكان ذلك في المطبوع أم في المخطوط، وأشرت في الهامش إلى الفروق ذات الدلالة، مما له فائدة في توضيح النص وتوثيقه وتقريبه إلى القارئ. كما أثبت بعض الزيادات التي لم ترد في المطبوع، وورد في النسخ الخطية بعضها أو كلها، وأشرت إلى ذلك أيضًا.
قمت بترقيم النص وضبط ما يلتبس نطقه وشرح ما غمض من لفظه والتعليق على بعض المواضع مما له فائدة ولا يخرج عن حد الاعتدال.
رقمت الآيات بعد ضبطها، وخرجت الأحاديث من مظانها حسب الطاقة، كما خرجت الأشعار إذا كانت مما له أصل معروف، وترجمت لعدد من الأعلام.
قدمت للكتاب، فترجمت للمؤلف، متحدثًا عن حياته ومكانته وشيوخه وتلامذته. وتتبعت مؤلفاته ذاكرًا كل ما وصل لي علمه منها، مبينًا مصادرها وأماكن وجودها، وما كان مخطوطًا منها أو مطبوعًا.
ثم تحدثت عن الكتاب وخطة المؤلف فيه، وبينت هدفه منه ومجمل ما ضمّه من مجالس أو فصول. وعرفت بالنسخ المعتمدة في التحقيق.
كما صنعت فهارس فنية عامة للكتاب شملت فهرسًا للآيات وآخر للأحاديث والآثار، ثم للأشعار فالأعلام وغير ذلك.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل والحمد لله ربّ العالمين.
ياسين محمّد السّوّاس
1 / 26