وأعطته يديها الصغيرتين النحيلتين، فأمسكهما وقبلهما ووضع وجهه في راحتيهما، وراح يبتلع لعابه، وتفاحة آدم في رقبته تعلو وتهبط، وسمعته يقول لها: أحبك.
وكانت إنسانة رقيقة الحس والعاطفة ، لها قلب كبير، حان، يحترم شعور الإنسان أينما كان وكيفما كان، فنظرت إليه في ود وحنان وقالت بصوت يختلج بالصدق والحرارة: حينما رأيتك أحسست أنك قد تكون الرجل الذي أبحث عنه طوال عمري، ولكن ...
وسكتت؛ لم تكن تريد أن تصدمه، ولم تكن تريد أن تفجعه، ونظر إليها كأنه لم يسمع ما قالت وقال: إن يديك ناعمتان جدا! ما هذا؟ هل صنعتا من البلور؟
بلور؟!
ما هذا الرجل؟ إنه لا يرى إلا الأنوار والبريق والبلور؟
وأحست أنها بدأت تضيق به، فسحبت يديها من يديه، واعتدلت في كرسيها، وقالت له في جدية: الواقع أنك تحبني بطريقة غريبة علي، إن كلامك لا يصل إلى قلبي، بل لا يكاد يصل إلى أذني، ألا تعرف الحب؟
ونظر إليها في دهشة وقال: هل أنت غاضبة يا حبيبتي؟ لا، لا، لا أريدك غاضبة. اسمعي، سأقول لك آخر نكتة قيلت عن القرود: كان فيه قرد في حديقة الحيوان، وبعدين ... وقاطعته قائلة: أرجوك، أنا لا أحب النكت! وقال في دهشة: لا تحبين النكت! لماذا أنت حزينة يا حبيبتي؟ لماذا لا تكونين مرحة؟ إن مظهرك المشرق وابتسامتك الدائمة دلاني على أنك فتاة تحبين المرح. يا إلهي! كثيرا ما تخدعنا الصور!
وابتسمت حكمت وقالت: حقا، كثيرا ما تخدعنا الصور. لقد خيل إلي أنك رجل رصين!
وانتفض مذعورا كأنما لدغته عقرب وقال: رصين؟! ما معنى رصين يا حبيبتي؟ - أعني رجلا جادا.
وتطلع إلى الشجرة الملونة بالنور، ونظر إلى يديها وذراعيها وقال: أكون رجلا جادا؟ وكيف أكون رجلا جادا في مثل هذا الوقت، والطبيعة حولي ترقص، والجمال يجلس أمامي؟ إن وقت الحب يا حبيبتي لا يحتمل الجد.
Shafi da ba'a sani ba