وأنشد أبو زيد هذه الأبيات الثلاثة في أوائل الجزء الثالث من «نوادره» قال: قال المفضل: أنشدني أبو الفوال هذه الأبيات لبعض أهل اليمن، ولم يخطر ببال أبي علي، ولا على بال ابن جني رواية هذه الأبيات عن أبي زيد في «نوادره»؛ ولهذا نسباها إلى الفراء، وقالا: أنشدها الفراء ألبتة؛ لأن لهما غراما بالنقل عن نوادره، ولو أمكنهما ألا ينقلا شيئا إلا منها فعلا.
قال ابن جني في «سر الصناعة»: «وكان شيخنا أبو علي يكاد يصلي بنوادر أبي زيد إعظاما لها، وقال لي وقت قراءتي إياها عليه: ليس فيها حرف إلا لأبي زيد تحته غرض ما؛ وهو كذلك لأنها محشوة بالنكات والأسرار.» انتهى كلامه، رحمه الله.
ولله در الشارح المحقق في سعة اطلاعه، فإنه لم يشاركه أحد في نقل هذه الأبيات عن أبي زيد إلا ابن المستوفي، وقد ذهب ابن عصفور في كتاب «الضرائر» إلى أن إبدال الياء الخفيفة نحو قول هميان بن قحافة: «يطير عنها الوبر الصهابجا» يريد : الصهابي، فحذف إحدى الياءين تخفيفا، وأبدل من الأخرى جيما لتتفق القوافي، وسهل ذلك كون الجيم والياء متقاربتين في المخرج. ومثل ذلك قول الآخر ، وأنشد الفراء:
يا رب إن كنت قبلت حجتج
إلى آخر الأبيات يريد: حجتي، ويأتيك بي وينزني وفرتي - فأبدل من الياء جيما، وقول الآخر: «حتى إذا ما أمسجت وأمسجا
9
يريد: أمست وأمسى؛ لأنه ردهما إلى أصلهما وهو: أمسيت وأمسيا ثم أبدل الياء جيما لتقاربهما لما اضطر إلى ذلك.» انتهى.
وجعله ابن المستوفي من الشاذ، قال: ومن الإبدال الشاذ قوله، وهو مما أنشده أبو زيد:
يا رب إن كنت قبلت حجتج
وهذا أسهل من الأول؛ لأنه أورده الشاعر في الوقف، إلا أن الياء غير مشددة. انتهى.
Shafi da ba'a sani ba