زفاف لادياس لبهرام
تركنا لادياس شغلا لوالدها الملك بعد شغل، وهما بفؤاده الرقيق بعد هم، وإن كان الطبيب الخاص قد اجتهد في التخفيف عليه، حتى أقنعه أن الأميرة ليست مهتلسة العقل؛ بل هي كما يقول الأمير بهرام، مضطربة الوجدان من شدة ما قاست في أسر اللصوص.
إلا أن مقالة الطبيب لم تصدق ولا أغنت من حقيقة الحال شيئا، فإن هذيان الفتاة كان يزداد من اللحظة إلى الأخرى، وكان اختلال الشعور، يظهر عليها كل الظهور، وعلى الخصوص كلما وقعت عينها على الأمير بهرام، أو دخلت معه في كلام؛ إذ تتذكر حينئذ حقيقة الحوادث وتشتاق رؤية منقذها، فلا تجد في بهرام منه إلا مشابه طفيفة، لا تأسو جراحها ولا تبل صداها.
وكان الملك يرى ذلك على فتاته فتزداد آلام فؤاده، ويود في نفسه لو كانت هلكت من أول الأمر، ولم ترد إليه كما هي الآن، جسم ولا روح، وروح ولا حياة، وحياة ولا شعور.
ولهذا كانت لا تمر ساعة حتى يدخل عليها، أو يأمر بها فتخرج إليه، فيمتحنها فيجدها في كل ما تقول، وتفعل كما كانت قبل الاختفاء وأعقل، إلا في أمر واحد وهو الاعتراف للأمير بهرام بمنته عليها بالإنقاذ.
أما بهرام فقد خشي من أول يوم ظهور صاحب الحق بغتة، فيعطي حماس كنزه الذي وجده، ولا يعطي هو إلا الفضيحة والعار، فعمد إلى حيلة من أحسن ما يتخذ في مثل هذه الأحوال؛ ذلك أنه أوعز في اليوم الثاني إلى الطبيب الخاص بصوت رنين الذهب الفارسي، أن يشير على الملك بتزويج الأميرة في الحال، لعل الألفة إذا انعقدت بينها وبين خطيبها بصفة فعلية؛ تخرج أعصابها من أسر الأوهام.
فتوجه الطبيب توا إلى الملك واستأذن عليه، ثم بذل له النصيحة مزخرفة مقبولة، فلم يكن من الملك عندئذ وهو في موقف الغريق إلا أن أبقى الطبيب في حضرته، ثم أمر بمجلس الشورى الأعلى للمملكة فانعقد للحين.
فلما تكاملت هيئة المجلس أشار بوليقراط لطبيبه أن يتكلم، فقام فألقى على الملأ خطابه، شرح فيها الداء ووصف الدواء ملحا في طلب الزواج ووجوب تعجيله، حتى أقنع المجلس كل الإقناع، فقرر قبول إشارته بالإجماع، ثم ضرب اليوم الخامس من وصول الأمير والأميرة إلى العاصمة، موعدا للاحتفال بعقد النكاح في الهيكل الأعظم.
وما كاد المجلس ينفض حتى صدرت الإشارة السلطانية، لكل ذي شأن بين رجال المملكة بالعمل الذي يرسم له في مثل هذه الظروف ويفرض عليه.
وانقضى اليومان الباقيان في تهيئة معدات القران، وترتيب حفلات المهرجان، حتى إذا كان صبح اليوم الخامس يوم العقد لبهرام على لادياس، تحرك موكب الزفاف بالعروسين حاشدا فاخرا رهيبا، أوله في أرحاب القصر السلطاني وآخره في ساحة الهيكل الأعظم.
Shafi da ba'a sani ba