Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
Bugun
من ١٤٠٤
Shekarar Bugawa
١٤٢٧ هـ
Nau'ikan
٨٦ - وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَ مَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ الأَْرْضَ، زِرَاعَةً أَوْ غِرَاسًا، دُونَ حَاجَةٍ لِبَيَانِ نَوْعِ مَا يَزْرَعُ أَوْ يَغْرِسُ. وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْغِرَاسَ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ بِالأَْرْضِ مِنَ الزَّرْعِ، وَتَأْثِيرُ ذَلِكَ فِي الأَْرْضِ يَخْتَلِفُ. أَمَّا التَّفَاوُتُ بَيْنَ الزَّرْعَيْنِ فَقَلِيلٌ لاَ يَضُرُّ.
وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُرْفٌ، فَلاَ يَجُوزُ، لِلْجَهَالَةِ، خِلاَفًا لاِبْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي أَجَازَ، وَقَال: يُمْنَعُ الْمُكْتَرِي مِنْ فِعْل مَا يَضُرُّ بِالأَْرْضِ.
أَمَّا إِذَا قَال لَهُ: آجَرْتُكَهَا لِتَزْرَعَهَا أَوْ تَغْرِسَهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا، فَوُجِدَتْ جَهَالَةٌ.
وَإِذَا قَال لَهُ: آجَرْتُكَ لِتَزْرَعَهَا وَتَغْرِسَهَا، صَحَّ الْعَقْدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا كُلَّهَا مَا شَاءَ، أَوْ أَنْ يَغْرِسَهَا كُلَّهَا مَا شَاءَ. وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَصِحُّ، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ النِّصْفَ، وَيَغْرِسَ النِّصْفَ؛ لأَِنَّ الْجَمْعَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ. وَفِي الْقَوْل الثَّانِي: لاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنِ الْمِقْدَارَ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا.
أَمَّا إِنْ أَطْلَقَ، وَقَال: آجَرْتُكَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْتَ، فَلَهُ الزَّرْعُ وَالْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لِلإِْطْلاَقِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْرْضِ الَّتِي لاَ مَاءَ لَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَكْتَرِيهَا لِلزِّرَاعَةِ، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ يَصِحُّ، لأَِنَّ الأَْرْضَ عَادَةً تُكْتَرَى لِلزِّرَاعَةِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنَّهُ اكْتَرَاهَا لِلزِّرَاعَةِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ عَالِيَةً لاَ يَطْمَعُ فِي سَقْيِهَا؛ لأَِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَرِهَا لِلزِّرَاعَةِ. وَإِنْ كَانَتْ مُنْخَفِضَةً يَطْمَعُ فِي سَقْيِهَا بِسَوْقِ الْمَاءِ إِلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، لَمْ تَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ اكْتَرَاهَا لِلزِّرَاعَةِ مَعَ تَعَذُّرِ الزِّرَاعَةِ؛ لأَِنَّ مُجَرَّدَ الإِْمْكَانِ لاَ يَكْفِي، إِذْ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ وُصُول الْمَاءِ إِلَيْهَا عَلَى الأَْرْجَحِ. (١)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ: لاَ بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ الأَْرْضُ مِنْ زِرَاعَةٍ أَوْ غِرَاسٍ. وَلاَ بُدَّ أَيْضًا مِنْ بَيَانِ نَوْعِ مَا يُزْرَعُ أَوْ يُغْرَسُ، وَإِلاَّ فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لأَِنَّ الأَْرْضَ تُسْتَأْجَرُ لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَا يُزْرَعُ فِيهَا، مِنْهُ مَا يَضُرُّ بِالأَْرْضِ وَمَا لاَ يَضُرُّ، فَلَمْ يَكُنِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا. وَلِذَا وَجَبَ الْبَيَانُ، أَوْ يَجْعَل لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا مَا شَاءَ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَال: لاَ يَصِحُّ حَتَّى يُبَيِّنَ الزَّرْعَ؛ لأَِنَّ ضَرَرَهُ يَخْتَلِفُ. (٢)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ زَرَعَهَا مَعَ ذَلِكَ الْفَسَادِ وَمَضَى الأَْجَل، فَلِلْمُؤَجِّرِ الْمُسَمَّى، اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لاَ يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ فَاسِدًا، فَلاَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا.
وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَهَالَةَ ارْتَفَعَتْ قَبْل تَمَامِ الْعَقْدِ. (٣)
(١) حاشية الدسوقي ٤ / ٤٨، والمهذب ١ / ٣٩٥، ٣٩٦، وكشاف القناع ٣ / ٢٦٩، ٤ / ١٢، ١٣، ومغني المحتاج ٢ / ٣٣٦ ط مصطفى الحلبي، والروضة للنووي ٥ / ١٨١ ط المكتب الإسلامي.
(٢) المغني ٦ / ٥٩ ط المنار ١٣٤٧ هـ
(٣) الهداية ٣ / ٢٤٢، ٢٤٣، والبدائع ٤ / ١٨٣، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٤٠، ٤٤١
1 / 280